يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

اقترح على احد الأصدقاء مشاهدة فيلم ” مى بيفور يو” اى ” انا قبلك ” ولانى اثق فى ذوق ذلك الصديق ، توكلت على الله و شاهدته و يا ليتنى ما شاهدته !!!!!

بدأ الفيلم بشاب وسيم “وَيل” يعيش فى قصر شاسع تخلو حياته شبه الكاملة من المشاكل و بينما هو فى طريقه آلى العمل ، تصدمه دراجة بخارية ، تؤدى الى إصابته بشلل رباعى جعلته جليساً لكرسى متحرك

و فى مكان ليس ببعيد عّن قصره ، تعيش فتاة تدعى “لويزا”، مع اَهلها عيشة تخلو من الرفاهية بسبب ضيق الحال و قلة الدخل ، فتبحث عن عمل لتعينهم على اعباء الحياة …

فتجد اعلان عن وظيفة لرعاية “ويل” ، فتذهب بلا تردد …

تبدأ العلاقة بينهما فاترة قاسية ، بسبب عدم تقبله لها و صدها بجفاء شديد …

تماماً كما فعل مع صديقته السابقة ، فقد دفعها دفعا بعيدا عنه …

فأتت اول عبارة قوية تحمل لى رساله ، استوقفتنى قوتها للحظات ، فقد قالت صديقته ل ” لويزا”

“حاولت ان أساعده كثيرا ، لكنك لا تستطيع ان تساعد احدا طالما لا يرغب فى تلقى مساعدة احد “…

و تساءلت : أليس هذا ما نقوم به احياناً فى حياتنا ؟

 لماذا نصر مرارا و تكراراً حين نمر بأوقات الم و حزن و خيبة ان ننفض عنا يد المساعدة بدلا من نمسك بتلك اليد الممتدة إلينا ؟!!

و سرعان ما تأتى الاجابه فى مشهد يتبعه بدقائق حين يبرر صديق “لو” تصرفات “ويل ” قائلاً ” انا لا أتمنى ان يبقى احد بجانبى من باب الشفقه فقط !!!!

فعلا” ، صحيح …. ان نساعد احدهم من باب الشفقه تختلف كثيرا عن ان تنبع مساعدتنا لهم من منطلق حب حقيقى لهم …..

ثم تاتى نقطة التحول .. النقطة التى يتغير عندها أسلوبه معها ….حين تصفعه صفعة قوية – لَيْس بيدها – بل بصدق كلامها و تقول له ” انا لا اهتم بك ، كل ما يهمنى هو راتبى ، لانى فى حاجة شديدة الى المال ” …

و هنا نتعلم الرسالة الثانية : ان لحظة صدق مهما كانت مؤلمة قد تفتح أبواب مغلقه و اهمهم أبواب القلب الذى امتلأ عن اخره و اكتفى بالكذب و التملق و التمثيل و النفاق ، فلنقدر جميعاً تلك اللحظات سواء تلقيناها او منحناها للغير … فهى مفتاح سحرى …

و تتوالى الأحداث و يتقربان من بعضهما البعض و يتغير للاحسن فيصبح اكثر هدوءا ، اكثر تبسماً و تفتحاً و تقبلاً للعالم من حوله ، فتعيده بصدق مشاعرها و سعادتها الطفولية و اصرارها، الى الحياة من جديد …

ثم يأتى مشهد اخر ، قد أوقف انفاسى تماماً حين طلبت منه ان تحلق له ذقنه ففاجئها بالموافقة فوراً دون تفكير …

ظللت محدقة فى الشاشة ، انظر الي تعبيرات وجهها و نظراتها اليه بانبهار …

و سعدت بنجاحها فى ان ترسم على شفتيه تلك الابتسامة الصافية الراضية …

و كأن المخرج قد استكتر علي تلك اللحظة السعيده ، فتبع هذا المشهد الرومانسي الحالم ، بمشهد مؤلم بين الأب و الام يناقشان فيه قرار ابنهما فى إنهاء حياته فى خلال ستة أشهر !!!!

فخرجت “لو”من القصر مصدومة الا انها قررت مع اختها ان تجعل تلك المدة اسعد أوقات حياته ، ربما ربما يعدل عّن قراره … فكونت لائحة طويلة من الأنشطة تشاركه فيها …

فأخذته الى سباق الخيول……

و هنا تأتى رسالة اخرى محمولة فى مشهد بينهما حيث راهنت هى على حصان يبدو ضعيفا لمجرد انها احبت شكله و اعتمدت على حدسها …

اما هو فقال لها ” ستخسرين حتماً لان المنطق و العقل و المعطيات تؤكد انه حصان ضعيف “…

هنا كانت هى تتكلم عنه بلسان قلبها و يتكلم هو عن نفسه بلسان العقل !!!!!

فياتى مشهد عيد ميلادها وتلقيها الهدايا فنرى صديقها بات يعطيها دلاية عليها اسمه !!!!

فهو لم يفكر منذ بداية الفيلم سوى فى نفسه و لم يتمحور الا حول ذاته …

هكذا يفعل البعض منا فى علاقاته مع الآخرين ، يجنب احتياجاتهم بعيداً و لا يرى سوى احتياجاته …

برغم اعوام طويله قضاها معها، الا انه لم يلتفت الى ما قد يسعدها …

اما “ويل” الذى لم يمض على تعارفهما سوى شهور قليله فقد احضر لها جواربها المفضلة المخططة التى كانت تبحث عنها فى كل مكان …

فعل ذلك لانه ببساطة شديدة أنصت لها ….

و يلاعبناالمخرج بخدعة اخرى وان لون الجوارب الذى احضره يناسب تماما ما كانت ترتديه ، رسالة اخرى عبقرية و هى انه يفهمها تمام الفهم  …

فتطابقت تصرفاته مع شخصيتها …

و بمرور المشاهد نلاحظ التغييرات تطرأ عليها هى الاخرى، فلم يتغير وحده …

فمنذ بداية الفيلم و هى ترتدى ملابس بألوان زاهية …

مجنونة تعكس شخصيتها المرحة المفعمة بالطفولة و الانطلاق …

فجعلتها التجربة اكثر نضجاً و عقلاً و اتزاناً ، فبدا ذلك واضحاً فى تغير ملابسها الى ألوان و موديلات اكثر اناقة و هدوءاً و بساطة حتى تسريحة شعرها تبدلت فاستغنت عن تلك الضفائر …

و يأتى مشهد يحطمنى تماماً حين يعترف لها انه قرر ان ينهى حياته بناء على خطته ، فترجوه و تتوسل اليه ان يعدل عن قراره ، فيرفض مبررا ذلك بانه لا يريد ان يرى الحب يتبدل الى شفقة و ان يملأها الندم يوما ما …

و هنا تداركت مدى حبه لها ….اليست أعلى و أسمى درجات الحب ، هو ذلك الحب الذى يخلو من الانانية ، ذلك الحب العميق للغير الذى لا يترك مساحة داخلك لحب الذات !!!!

فياتى مشهد النهاية الذى حاولت جاهدة ان اجد فى قاموسى كلمات تصفه ، الا انى أخفقت …

و يكفينى القول ان دموعى سالت بغزارة و لم أقو على ردعها …..

حقاً …… فيلم رائع يستحق المشاهدة

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

اقرأ للكاتبة :

ان يكون لديك القدره على الثبات و الصمود و التحكم

شكرا للتعليق على الموضوع