أيمن عبد الجواد يكتب : من “أحمد زويل” الى “مريم”.. ياقلبي لاتحزن

لو صحت الأنباء التي تتحدث عن تلقي “مريم” ــ من أوائل الثانوية العامة ــ والشهيرة بـ “ابنة حارس العقار” لمنحة من الجامعة الأمريكية لاستكمال دراستها بالولايات المتحدة، فلا تتعجب.. انها مصر التي قدمت خيرة عقولها لأبناء العم سام، والاحصائيات تشير  الى أن عقولنا تختار دائماً أمريكا ودعك من القلوب التي تسب وتلعن أمريكا ليل نهار.

لا ألوم أحداً.. لا “مريم” التي اختارت الطريق الصحيح وقررت الذهاب لعالم آخر غير العالم الذي نعيش فيه.. عالم يقدر العلم والعلماء، وقد فعلها قبلها عشرات الآلاف ــ أشهرهم الراحل أحمد زويل ــ خرجوا منها في جنح الظلام لايعرفهم أحد وعادوا نجوماً تتلألأ في سماء العلم ولو جلسوا بيننا لما عرفهم أحد.

ولا ألوم الحكومة المثقلة بتركة فاسدة ثقيلة تجعلها تضرب أخماساً في أسداس لتوفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين في ظل ظروف اقتصادية يعلمها القاصي والداني أو لمواجهة ارهاب أسود يحاول بكل طاقته اغتيال احلامنا وتعطيل مسيرتنا وهي حرب نخوضها مضطرين ويدفعنا اليها أعداؤنا حتى لانلتقط أنفاسنا ونبني حاضرنا ومستقبلنا.

ولا ألوم حتى أوليك البائسين الذين ظلوا يسخرون ويقللون من قدر أوائل الثانوية منذ اعلان النتيجة وحتى الآن في سابقة غير مفهومة المغزي والهدف، فقدر مصر أن تبتلى بأمثال هؤلاء، ففي الوقت الذي كانت أمريكا تضع خطتها لاستقطاب الأوائل مثلما تفعل مع خيرة العقول في العالم العربي المشغول بصراعات وهمية تلهيه عن صناعة المستقبل أو على الأقل الحفاظ على ارث الأجداد.. في هذا الوقت كان نوابغنا يسخرون منهم ومن انجازهم ليكفروا بما بقي لديهم من حلم.

على المستوى الشخصي أنا مثل غيري سعيد لـ “مريم” ابنتنا وابنة مصر التي سترفع اسم بلدها عالياً وتشق طريقاً طويلاً وصعباً اثق انها ستنجح فيه لأنها سبق أن فعلت ذلك وقهرت كل الظروف لتحقق حلمها وحلم والديها.. وحزين لأننا خسرنا عقلاً آخر من خيرة أبنائنا من منطلق أن طريق العلم هو فقط الذي بمقدوره ان ينتشلنا مما نحن فيه.

ولا تصدقوا مسألة أن “مريم” وغيرها من المتفوقين سيعودوا بعد أن يتسلحوا بالعلم للمشاركة في نهضة بلدهم، فلو عاد السابقون لفعلها اللاحقون، بل ربما لاتأتي حتى زائرة فذكريات ابنه حارس العقار ستظل تلاحقها ولاتنخدعوا بابتسامتها البريئة فهي ابتسامة الضعف وقلة الحيلة.

“مريم” ستعود ذات يوم وهي تحمل تقديراً عالمياً وجائزة كبرى “ربما نوبل مثل زويل” ووقتها سنصفق لها كثيراً ونخرج جميعاً لاستقبالها استقبال الفاتحين لأننا سنكون نسينا انها ابنة حارس العقار.. والنسيان نعمة!!!!

النيل

شكرا للتعليق على الموضوع