ناصر اللحام يكتب : الشيخ والبؤساء

يحكى ان شيخا، أراد ان يهدي بعض أشقياء الحي ويقنعهم بالمواظبة على الصلاة في المسجد، لكنهم تمنّعوا وقالوا ان هموم الحياة والفقر والبطالة والقهر والحروب جعلتهم يفقدون كل أمل بالحياة. وانهم لا يريدون الاقتراب منه حتى لا يتورطوا في امور السياسة فهو لا يكف عن التدخل في السياسة.

الشيخ لم يكلّ ولم يملّ، وعرف أن بداخلهم خيرا كثيرا، وايمانا اكثر. وأنهم نسل خيرة أبناء عائلات المدينة، وأن ظروفهم الصعبة جعلتهم يضيعون في بحر الهموم. وظل يحاول معهم بكل الطرق.

البؤساء لم يرتاحوا لامام المسجد، واستشعروا انه يتسلى بهم وظنّوا أنه يأخذهم الى المسجد ليورطهم في السياسة والجماعات الاسلامية. ولكن اصراره الشديد أخذ منهم الانتباه، فقرروا محاولة الوثوق به ليروا اّخر القصة.

الشيخ قدّم عرضا مغريا يصعب رفضه. وقال لهم:  يا أحبائي. اذا جئتم غدا لصلاة الفجر في المسجد، فانني ساعطي كل واحد منكم مائة دينار.

ورد البؤساء الفقراء باعجاب شديد وقد نال العرض الوفير من عنادهم: مائة دينار لكل واحد منا يا شيخ؟

رد الشيخ: نعم والله مائة دينار. وهذا وعد مني.

وبالفعل. وعند صلاة الفجر كان البؤساء المشاغبون في أول الصفوف، واصطفوا وراءه بكل خشوع وأقاموا صلاة الفجر حاضرين في المسجد.

وعند انتهاء الصلاة، انفضت جموع المصلين الا هؤلاء. اجتمعوا حول الشيخ وهمسوا في أذنه ( نحن بانتظار ما وعدتنا، مائة دينار لكل واحد منا ) .

فنظر الشيخ الى سقف المسجد وقال بكل خبث: ان اجركم عند الله أكبر بكثير من هذا المبلغ.

اعاد البؤساء السؤال على الشيخ: هل ستعطينا ما وعدتنا به ام لا ؟

رد الشيخ: ان أجركم عند الله أعظم بكثير من هذا.

فقال البؤساء: يا شيخ نحن نعرفك منذ زمن طويل ونعرف حركاتك السخيفة هذه، وقد توقّعنا ان تغدر بنا، ولم نتوقع منك سوى الكذب ولم نكن نثق بك أساسا. لذلك ومن باب الاحتياط جئنا الى الصلاة من دون وضوء.

هذا كذب على الناس، وذاك كذب على نفسه. وكلاهما تحت قبة المسجد وفي بيت الله.

والله من وراء القصد.

اقرأ للكاتب : 

اخر فرصة لليهود لينتصروا علينا . اهزمونا حتى تنتهي المسخرة

شكرا للتعليق على الموضوع