أشرف ابو عابدة يكتب :أزمات تركيا تتفاقم من روسيا الى العراق

يبدو أن علاقات انقرة المتوترة لم تتوقف عند موسكو فقط, بل انها تتطور لتمتد أيضا إلى بغداد في أعقاب ادخال مدربين من الجيش التركي الى بغداد, مما أثار حفيظة القيادة السياسية في العراق على كافة المستويات, وهنا يثور التساؤل: إلى ماذا تسعى ادارة الدولة التركية؟ وهل توتير العلاقات يحتمل المزيد؟

وأثار خبر أن مدربين أتراكا متمركز في شمالي الموصل , في معسكر بعشيقة برفقة قوة حماية تركية,  لتدريب قوة الحشد الوطني ذات الأصول الكردية ويرأسها أثيل النجيفي – وهي تشكيلات غير رسمية تختلف عن قوات الحشد الشعبي التي تحظى برعاية الحكومة العراقية – والمؤلفة أساسا من رجال شرطة عراقيين سابقين ومتطوعين من الموصل, وذلك لمواجهة تنظيم الدولة, الذي سيطر مسلحوه على الموصل منذ يونيو 2014، وتأجل مرارا هجوم مضاد من جانب القوات العراقية لأنها منشغلة بالقتال في أماكن أخرى.

واعتبر الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، أن نشر قوة عسكرية تركية في الأراضي العراقية “انتهاكا للأعراف والقوانين الدولية، ومساسا بالسيادة العراقية”. ودعا تركيا إلى سحب القوات، وطلب من الخارجية العراقية اتخاذ الإجراءات وفق القوانين والأعراف الدولية بما يحفظ سيادة واستقلال العراق, واستدعت الخارجية العراقية السفير التركي لديها في هذا الصدد, وصرح وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي بأن دخول تلك القوات تم من دون إبلاغ بغداد.

وقررت أنقرة أنها ستوقف إرسال قوات جديدة إلى شمالي العراق في إطار برنامجها التدريبي في الموصل، وذلك بعد ساعات من تهديد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تركيا بأن كل الخيارات متاحة، بما في ذلك اللجوء لمجلس الأمن الدولي ما لم تسحب قواتها من شمال العراق خلال 48 ساعة. واوضحت تركيا أنه لن يتم نقل أي قوات جديدة إلى معسكر بعشيقة حتى تنتهي مخاوف الحكومة العراقية، مؤكدا أن بلاده ستواصل دعم العراق في مكافحة تنظيم الدولة، وتسعى لتعميق التعاون بين البلدين في هذا الصدد, وأن تركيا لن تقدم على أي خطوة من شأنها أن تنتهك سيادة العراق ووحدة أراضيه، وأن نشر القوات ضروري لحماية المستشارين العسكريين الأتراك, وبذلك تكون أنقرة استشعرت الخطر المحدق بالعلاقة مع بغداد, في ظل الأوضاع الاقليمية والدولية المتدهورة, من شدة انتشار هاجس الارهاب.

ويبدو ان الولايات المتحدة على دراية بنشر تركيا مئات من الجنود الأتراك في شمال العراق، لكن الخطوة ليست جزءا من أنشطة التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة كما صرح به مسؤولون عسكريون في واشنطن, مما يعني ذلك بأن واشنطن تسحب دعمها للتدخل التركي في العراق, وتعتبره تدخلا فرديا, وأيضا يشكل موقف حلف الناتو والحلف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الذي تعد تركيا جزء منهما, لأن الولايات المتحدة تشكل الثقل في الحلف.

وأرى أن هذا الاجراء يعكس المشروع التركي والقائم على إعادة أمجاد الدولة التركية في عقود سابقة, والواضح أن أنقرة استدركت مدى الاجراء الذي اتخذته تجاه انتهاك السيادة العراقية على أراضيها, وكثافة التصريحات والاجراءات التصعيدية في كل المستويات القيادية والسياسية العراقية من الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع العراقي تجاه ذلك الاختراق, وكذلك اعلان واشنطن, وتسعى أنقرة لتلطيف الأجواء مع دولة العراق تخوفا من تصاعد الاجراءات العراقية, وهو ما يشكل فتح جبهة جديدة مع العراق بالإضافة للعلاقات المتوترة مع موسكو, مما ينهك الدولة التركية.

عضو الشبكة العربية لكتاب الرأي والأعلام

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *