مصطفى التوني يكتب: من ذكريات يوم عرفة

لا شك أن يوم عرفة خير يوم طلعت عليه الشمس ، وله فضائل كثيرة لمن كتب الله له الوقوف بعرفات ، ولمن لم يكتب له الوقوف به حتى الآن ؛ ندعو الله ألا يحرم أحدا  من الوقوف بعرفة .                                                         

 كل من عاش هذا اليوم لا يستطيع أن ينسى أحداثه صغيرة كانت أو كبيرة مهما مرت الأيام فهو من الذكريات التي لا تنسى ولا زلت أتذكر أبي رحمة الله عليه الذي حج في السبعينات كيف كان حاله في هذا اليوم من كل عام وهو يتذكر كل لحظة من لحظات ذلك اليوم حتى في أخر يوم  عرفة قبل رحيله في 2004 كان يحكي لي عن أحداث ذلك اليوم .

في عام 2007ميلادية قدر الله لي أن أسافر إلى المملكة العربية السعودية للعمل هناك ومنذ الوهلة الأولى وأنا تراودني حكايات أبي عن مناسك الحج ويوم عرفة فوضعت حج بيت الله الحرام أول أهدافي عند وصول المملكة وبالفعل ذهبت إلى هناك وكان قبل موعد الحج بثلاثة أشهر ذهبت لاستلام عملي وقبل موعد الحج بأيام تحدثت مع كفيلي هناك أني أنوي الحج هذا العام وأنا أطلب منه هذا الطلب ظهرت عليه كل علامات التعجب وانتفض قائلاً “ايش فيك ياولدي أنت ما كملت ثلاث شهور في العمل تبغي تحج ؟! المحاسب السوداني له عشرين سنة ما قال أحج” قلت الله يرضى عليك أنا لن أكون مستريحاً وأقوم بأداء عملي كما تحب إلا بعد أداء الحج هذا العام . وافق في الحقيقة وكانت موافقته حديث المؤسسة كلها كيف سمح لموظف لم يكمل إلا ثلاثة شهور بالحج. الحمد لله قدر الله لي أن أكون من حجيج بيت الله في ذلك الوقت وبدأت رحلتي مع مجموعة من الأصدقاء لكن كنت قد آليت على نفسي أن أقوم بتأدية المناسك وحيداً وسيرا علي الأقدام وبالفعل منذ أن وطئت قدمي محل إقامتي في مكة وضعت حقائبي في الغرفة وانطلقت لأداء العمرة حيث كنت متمتعا لأني لم يسبق لي العمرة من قبل ثم انطلقت بعدها لأداء المناسك حسب ترتيبها في يوم عرفة كان تركيزي كله في اغتنام هذا اليوم غير مبالٍ بما يحدث حولي فهؤلاء مجموعة تلتقط الصور وأخرى تتسامر كل ذلك ما كان يعنيني في شيء فلقد ذهبت إلى مكة والمدينة  سبع مرات بين عمرة وحج ما التقطتُ لنفسي صورة قط .

بعد الإفاضة من عرفات كان اتفاقنا كمجموعة أن نلتقي في مسجد الخيف وافقت حتي لا أشذ عنهم لكن في نفسي غير راض فأنا أعلم أن اجتماعنا سيضيع كثير من فرص العبادة في اللهو وتبادل الأحاديث وعلي مضض نزلت ذاهباً إلى أصدقائي ويشاء القدر أن أفقد جوالي في الزحمة أثناء الإفاضة من عرفات لم أبحث عنه ولم ألقِ له بالاً وقلت الحمد لله سوف أكمل باقي المناسك دون إزعاج من أحد وظللت هكذا حتى أنهيت كل مناسك الحج ثم عدت إلى مقر إقامتي الذي ما دخلته إلا عند القدوم لمكة وأثناء مغادرتي لكني كنت في منتهى الاستمتاع رغم المعاناة طوال أيام الحج إلا أنني كنت في منتهى السعادة. اللهم  لا تحرم أحدا من حج بيتك الحرام وارزقنا زيارته يارب العالمين .قال صلى الله عليه وسلم ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) .

كل عام وأنتم بخير عيدكم مبارك.

اقرأ ايضآ

مصطفى التوني يكتب: رسائل من لقاء الرئيس بمشايخ القبائل الليبية

شكرا للتعليق