محمد عبد العاطي يكتب: الجودة ودورها في المؤسسة التعليمية
إن ما يشهده العالم من تنامي في اقتصاديات المعرفة والتنافسية في شتى المجالات ومنها مجالات التكنولوجيا الأمر الذي أدى إلى اهتمام الدول بالتعليم لأنه نهضة الشعوب والأمم على مر العصور، وحيث أن عملية إصلاح التعليم تحتاج إلى نظرة شمولية مبنية على مراجعة مختلف مكونات المنظومة التعليمية ومن هذا المنطلق اعتمدت أغلبية الدول نظام الجودة Quality – هذا المفهوم ليس حديث عهد كما يظن البعض ولكنه سائد منذ بدء الخليقة .
فيقول الله عز وجل في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ” وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ” (التوبة الآية 105) وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن الله يحبُّ إذا عمل أحدكم عملا ًأن يتقنه” فالإتقان هو أداء العمل على أكمل وجه فمؤداه الجودة Quality.
وقد ظهر المفهوم في الولايات المتحدة الأمريكية في ثمانينات القرن العشرين وشاع مفهوم الجودة الشاملة في التعليم في تسعينات القرن العشرين ، وقد صدر قرار من الحكومة المصرية عام 2007 بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد،ويرتبط هذا المفهوم أساساً بالإنتاجية التنافسية – في إصلاح منظوماتها التعليمية وقد اظهر هذا النظام فعاليته في تحقيق النتائج المرجوة من ذلك، وأدى إلى إحداث تغيير جذري في أنظمة التعليم التقليدية ونقلها من صورتها النمطية القائمة على الحفظ والتلقين إلى صورة جديدة قائمة على الإبداع والتفكير والعمل الجماعي.
وحيث أن الجودة عملية مستمرة فلذلك يجب خضوع العاملين في المنظومة الى برامج تدريبية مستمرة تؤدي إلى تحفيز العاملين على العمل والإنتاج وتضمن تحسين الأداء واستمرار العمل في المنظومة .
ويعرف (رودز) الجودة في التعليم بأنها: عملية تقوم بها الإدارة وترتكز على مجموعة من المبادئ والقيم تستمد طاقة حركتها من المعلومات التي توظف بها مواهب العاملين في تلك المنظمة وتستثمر قدراتهم الفكرية على نحو ابداعي لضمان تحقيق التحسين المستمر.
ويأتي الهدف الرئيسي من برنامج إدارة الجودة في المؤسسات التعليمية إلى تقديم خدمة تعليمية مميزة للمجتمع تقوم بإخراج أجيال قادرة على القيادة والابتكار واتخاذ القرار، وتجدر الإشارة أن هناك معايير للجودة تتبعها تلك المؤسسات تتمثل في خلق بيئة تدعم وتحافظ على التطوير المستمر، وتقيس النتائج التي تم الوصول اليها ومقارنتها مع النتائج السابقة ، وتعالج الأخطاء التي قد تحدث أثناء تطبيق الجودة داخل المؤسسات التعليمية ، وتشارك جميع العاملين في التطوير والتنمية ، وزيادة الكفاءة بزيادة التعاون بين الإدارات وتشجيع العمل الجماعي، وتأسيس نظام معلومتي دقيق لإدارة الجودة، وزيادة الرضا الوظيفي بين العاملين.
أخيراً وليس اخرٍ إن كل عمل يبلغ به الإنسان غاية ويحقق له نفعا من غير أن يضر بغيره هو عمل يباركه المولى عز وجل ويجزي به الجزاء الأوفى فيقول المولى عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾،(سبأ: 10 – 11) ، فالعمل هو أساس الوجود ولذلك يجب علينا ان نعمل جميعاً ونخلص في عملنا ويقوم كل منا بدوره على أكمل وجه وتنفيذ ما يكلف به وليشارك كل فرد بهمة ونشاط مع زملائه في تحقيق أهداف المنظمة والنهوض بالمجتمع ككل فان الله سبحانه وتعالى لا يضيع اجر من أحسن عملاً .
اقرأ ايضاً