في اليوم الدولي للسلام..ماعت تصدر دراسة “نقدية” عن دور المنظمات الدولية والإقليمية في صناعة السلام
عقيل: جامعة الدول العربية تواجه تحديات كبيرة في إنهاء النزاعات وتحقيق السلام في المنطقة
شريف عبد الحميد: التحديات التي تواجه المنظمات الدولية أكبر من قدرتها على تحقيق السلام
تقارير – التلغراف: في اليوم الدولي للسلام والذي يحتفل به العالم في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام، أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان دراسة بعنوان “دور المنظمات الدولية والإقليمية في صناعة السلام.. دراسة نقدية”، والتي أشارت إلى أنه منذ نشأتها اضطلعت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى بأدوار مختلفة لتحقيق الوساطة وحفظ السلام والتدخلات الأخرى الرامية إلى بناء السلام في مراحل النزاع وما بعد النزاع. وتبلورت هذه الأدوار في أحيان كثيرة في شكل اتفاقيات سلام وتفاهمات لخفض التوترات وبناء الثقة بين الفرقاء. لكن في أحيان كثيرة أخري، لم تلق هذه الأدوار آذان صاغية تستجب لمساعي السلام التي تبذلها هذه المنظمات.
وطالبت الدراسة بضرورة تطوير آليات عمل هذه المنظمات بشكل مٌلح للغاية، فلم يعد البحث عن حلول مبتكرة تواكب التغيرات المتسارعة في النظام الدولي من باب الرفاهية بل بات اتباع نهج شامل لتحقيق السلام والحفاظ عليه ومعالجة أسبابه الجذرية من الضرورات التي تفرضها المستجدات الآنية على الصعيدين الدولي والوطني، ولم يعد تحقيق السلام مرتبط بمنع الحروب فحسب لكنه يشتمل على القضاء على الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة نظرًا للعلاقة الوثيقة بين السلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فكلاهما يترتب على الآخر، بالإضافة إلى تحقيق التوزيع العادل للثروة، وتعزيز الحوار الشامل بين الأطراف المختلفة وبناء مؤسسات ومجتمعات محلية قوية وخاضعة للمساءلة.
وقد استخدمت الدراسة مجموعة من المؤشرات العامة القابلة للقياس والتي يمكن ملاحظتها للاستدلال على مدى نجاح المؤسسات الدولية والإقليمية في عمليات تحقيق وتعزيز السلام بناء على نهج شامل للمعالجة يتضمن تحقيق مؤشر واحد أو أكثر من مؤشر في أداء المنظمة وهذا بهدف منع عمليات العنف المباشر أو تقويض أي سبب يخلق حالة عدم الاستقرار، فالمؤشر الأول خاص بمدى نجاح المنظمة في دعم وتحقيق عمليات الوساطة والتفاوض والحوار والمساعي الحميدة فيما بين الأطراف المتنازعة، أما المؤشر الثاني فهو يتعلق بقدرات تمويل عمليات صنع وتعزيز السلام بما يحفز من تحسين قدرة الأطراف التقنية والاستراتيجية المتعلقة بالحفاظ على مكتسبات السلام إضافة إلى المشاركة في المفاوضات. بينما المؤشر الثالث يشير إلى مدى نجاح المؤسسات الدولية في استغلال الظروف الإنسانية والصحية السيئة في إقناع أطراف النزاع للوصول إلى تسوية سياسية ترضي جميع الأطراف، وتنهي حالات الصراع وتحقق الاستدامة.
وقد صرح أيمن عقيل الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت بأن المنظمات الدولية والإقليمية تواجه خطر حقيقي يهدد إمكانية قيامها بأي مهام موكلة إليها، فالأمم المتحدة على سبيل المثال تواجه أخطر أزمة تمويل منذ نشأتها، فبداية من أكتوبر 2019 شرعت المنظمة الدولية في تنفيذ خطة تقشف هي الأكبر في تاريخها، وبلغ مستوى العجز في ميزانيتها 711 مليون دولار من أصل 2.85 مليار دولار إجمالي الموازنة الكلية للمنظمة، كنتيجة لعدم سداد نحو 51 دولة المستحقات المفروضة عليها، من بينهم دولتين من كبار الممولين للمنظمة الدولية وهما الولايات المتحدة والبرازيل. وفي أبريل 2020، ناشدت الأمم المتحدة الدول الأعضاء الإسراع بسداد مستحقاتها في ميزانية المنظمة لمواجهة عجز نقدي تعانيه المنظمة والضغوط المالية المتفاقمة لاسيما مع اشتداد تفشي وباء كورونا. وأضاف عقيل أن جامعة الدول العربية مثال أخر حي على عجز الموارد المالية للمنظمات الإقليمية وهو عجز تعانيه المنظمة منذ أمد بعيد، حيث تعاني عجز يصل إلى 60% في الميزانية السنوية لجامعة الدول العربية، بسبب عدم سداد الدول الأعضاء في المنظمة المستحقات المفروضة عليها، مما يعرقل عمل الجامعة في إنهاء النزاعات وتحقيق السلام في المنطقة.
من جانبه قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت بأنه على الرغم من الجهود التي بذلت على مدار عقود سابقة مضت لإرساء سلام شامل ومستدام تبقى التحديات التي تواجه هذه المنظمات أكبر من قدرتها على إنفاذ كافة القرارات الصادرة عنها، فهناك بعض القضايا التي تمثل خطوط حمراء أعلنت هذه المنظمات ونعني بالتحديد في هذه السياق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية استسلامها في التدخل لحلها، وفي المقدمة القضية الفلسطينية وحديثا الأزمة اليمنية التي دخلت عامها السابع منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ولا حلول تلوح في الأفق لنهايتها. وأضاف عبد الحميد بأن المنظمات الدولية والإقليمية تبذل جهود حثيثة لدعم أنشطة السلام والحفاظ عليه، وتعمل على منع تفاقم الصراعات والحروب والوصول لسلام شامل ومستدام، إلا أن عمليات التمويل تقف عائق أمام هذه المنظمات، حيث لا تزال ضئيلة للغاية و تعتريها ثغرات هيكلية إذا تمت مقارنتها بالمستوى المرجو من هذه العمليات على نحو يساهم في خفض حالات التوتر في مناطق النزاعات وصولا إلى تحقيق السلام.
اقرأ ايضاً
ماعت تحذر من تبعات تغير المناخ على حقوق الإنسان