خلف نافذتي… “شعر” رَائِعَتَا هدى حجاجي ومحسن عبد المعطي

{1} خلف نافذتي      

الشاعرة والأديبة المصرية الرائعة: هدى حجاجي أحمد

في كل مساء كانوا يجتمعون في المقهى المواجه للمنزل , يلعبون الطاولة ، يتبادلون الطرائف ويقهقهون بملء حناجرهم ومن خصاصة النافذة أظل أراقبه مع عدد من الصحبة ينتحي ركنا جانبيا ينصرف عن حركاتهم الدؤوبة، وانشغالهم باللعب والتدخين ليسترق النظر إلى نافذتي شبه المغلقة فأبتسم ؛وأحكم إغلاقها، وأنتعش برائحة القرنفل والياسمين بجدائل شعري ؛وبصدري زهور أخرى تتفتح..

حديث جدا، هذا المقهى الذي يوازى عمر انتقالنا إلى هذه البناية الضيقة.

أثاث منزلنا لم يكن قديما ولا فخما بطبيعة الحال .. وفي قلب المدينة عمل أبى هناك واحد وعشرين عاما من مكاتب المبنى العريض الشامخ في السماء.

((الشركة الأهلية للغزل والنسيج )) كلما جال هذا الاسم بخاطري أطرق وترتسم بذهني صورة أبي المنهمك بين فترة وأخرى ، مهرولا إلى مكتب المدير يطلب السماح له بسلفة جديدة.

يا حاج عمر يزداد إنفاقك بما لا تحتمله طاقة راتبك ,, القروض التي تأخذها تزيد من أعبائك عن السداد .. حاول أن توزان بين الدخل والإنفاق.

قالت أمي بصوت قد امتلأ بالآسي ،واضطر أبوكم لاستبدال جزء آخر من معاشه قبل وفاته وما كان يكفي الجزء المتبقي لإعاشتنا ،و كما اضطرت أمي بعد رحيل أبي لبيع بعض أثاث؛ منزلنا لتقتات ،وتتقي مرارة الحاجة.

وأما أعمامي، كلٌ لاهي في عالمه.

وهل آن لمرض مزمن أمد تعلق بصدرها، أن يستكين قبلما يستنزف آخر جنيهاً في بيتنا ،الأعزل من مقومات الحياة.

    *****

حين كانت عيوننا تلتقي ، تتبادل حديثا صامتا وأقرأ شيئا آخر مختلفا في عينيه الواسعتين وأشعر بالدفء ويتراقص قلب يعزف لحنا رائعا .معزوفة لحنٍ شجي

قال وهما بمنأى عن الحي

أنتم الجيران الجدد…’

أجبته بحياء … منذ بضعة شهور هنا

قال بنصف ابتسامة …أعرف هذا

قالت في حبور ..وتعرف ماذا أيضا ..؟

قال : اسمك.

ازدادت خفقات قلبها ,, سألته عن اسمه

سألها – لديك أخوة ..؟!

قالت بشجن …في بلاد الغربة تشتتنا.

وأبوك ؟

خفضت عينيها

توفي منذ عامين ..لا شيء يضمه الآن بيتنا غيري ووالدتي ،أشتغل الساعات الطوال لنوفر لقمة العيش ونسد حاجة الفم والجسد.

قال مؤكدا:

أحبك بكل هذا.

زاد حياؤها وقالت

حدثت أمي عنك ، ستسر برؤياك.

وأحست بفرحة حقيقية وسوار الذهب يلف معصمها.

أعاد قوله. .. ينبغي أن أسافر

قالت والشتاء يرتحل.

أخاف من السفر ،سأعد الأيام حتى الشتاء القادم ونامت متضرعة وانتظرت شتاء ثانيا والعش الجميل يتكامل بين جفونها.

أعدك ألا نفترق ..قالها

انقطعت أخباره ..عقربا الساعة الأثرية بالحائط الراشح بمياه المطر يتحركان ببطء شديد.

الوقت يمر متثاقلا ..احتوت المكان برودة قاسية أحشائي تتحرك أريد أن أتقيأ ,, أحس بجدران الغرفة تتداخل , أكاد أختنق , اتسعت عيناي على وميض البرق يقتحم الغرفة.

في أعياء شديد فردت كفي تحتوي خيوط المطر المتدفق ولم تخف حدته ، اشتد هياج الريح بالخارج .. أمي في الركن تتأوه ..شاخت ..لكنها ظلي الثابت. ووحدي لن أقاوم

علي سطح الزجاج ارتفع إيقاع حبات المطر وانفجر صوت الرعد مدويا

تساءلت أحقا تغسل أمطار الشتاء وحل الصيف …؟

غمغمت الأم وهي تحلق في الحائط.

اتسع الشرخ بالجدار..

قلت وأنا أتعلق بحافة النافذة

أكاد أراه الآن بوضوح.

اعتلت نظراتها أعمدة السقف الخشبي المتداعي , لمحت قطرات من الماء ثقيلة تجري في عرق بمنتصف السقف عند نقطة محددة أخذت تتساقط برتابة كئيبة.

على تلك الحال حتما ستمتلئ الغرفة بالماء وتكورت في جلستي أستجلب دفئا وهميا من ألسنة اللهب المنسحبة تحت وطأة نفاذ المدفأ من قطع الخشب , نهضت مجهدة عن النافذة المحاصرة بحيرة الماء المتنامية , نجحت بعد إرهاق المحاولات العديدة في سد الثقب المتسع بمنتصف السقف…  لكن صفحة السماء الملبدة بالغيوم باتت تنبئ بليلة رعدية قاسية.

الشاعرة والأديبة المصرية الرائعة: هدى حجاجي أحمد

{2} أُلَاقِيكِ وَالرِّمْشَانِ نَمَّا بِحُبِّنَا

الشاعر الدكتور والروائي المصري: محسن  عبد المعطي محمد عبد ربه

أَيَــا بَـهْـجَةَ الـدُّنْـيَا لِـقَـلْبِي مَـلَـكْتِنِي    …    أَخَـــذْتِ فُــؤَادِي هَــلْ لَـدَيْـكِ مُـصَـرِّحُ

أَعِــيـدِي فُــؤَادِي ثُــمَّ ضُـمِّـيهِ ضَـمَّـةً    …    تَــتُـوهُ  بِــهَـا الـدُّنْـيَـا وَذِكْــرَاكِ مَـلْـمَحُ

أَشَـوْقٌ جَـرِيءُ الْـخَطْوِ يَـا قَـلْبُ أَفْطَحُ    …    وَلَـحْـنٌ  عَـفِـيٌّ بِـالـصَّبَابَةِ يَـضْـبَحُ ؟!!!

أَعْــيْـنَـايَ  لَاقَــــتْ بِـالْـمَـحَبَّةِ قَـلْـبَـهَا    …    شَدَا غِنْوَةَ الْعُشَّاقِ تُنْبِي وَتَفْضَحُ ؟!!!

فَــخُـورَانِ بِـالْـحُـبِّ الـشَّـرِيفِ يَـضُـمُّنَا    …    وَعَـيْـنَـاكِ فِــي قَـلْـبِ الـظَّـهِيرَةِ قُــرَّحُ

سَــلَامٌ عَـلَى الْأَجْـفَانِ تَـرْنُو بِـشَوْقِهَا    …    إِلَــــيَّ  وَلَا تَــرْتَــاحُ وَالْــحُــبُّ أَمْــلَــحُ

أُلَاقِــيــكِ  وَالــرِّمْـشَـانِ نَــمَّــا بِـحُـبِّـنَا    …    وَفُـــوكِ صَــدُوقُ الـشَّـوْقِ لَا يَـتَـزَحْزَحُ

اقرأ للشاعر

قَصِيدَة بَيْتِي الْعَتِيقْ لكرستين افرام وقَصِيدَة بَيْتِي الْعَتِيقُ مُجَمَّلٌ بِطَبِيعَةِ الرَّحْمَنْ لمحسن عبد المعطي

شكرا للتعليق على الموضوع