مدحت العزب يكتب: العدوان على غزه..النتائج والعبر
نعم نعم نعم ،إنه عدوان همجى بربرى وحشى ،و ليست حرباً ،فالحرب تكون بين جيشين فى ساحة أو ميدان قتال ،ولها اهداف محددة مشروعة ،و للحرب قواعد وأخلاقيات وقوانين، عرفتها البشرية منذ العصور السحيقة ،و تتغنى بها قوانين الأمم المتحدة، من عدم الإعتداء أو استهداف المدنيين ،و عدم تدمير البنية الأساسية المدنية من مستشفيات و مدارس و منازل و محطات كهرباء و مياه.
الإ أن ما نشاهده الآن من إعتداءات الكيان الصهيوني على غزة وسكانها ،لا يمت لحرب او حتى شريعة غاب ،فالحيوانات نفسها تعرف الرحمة و العدل والمنطق بينها ،فما هى الإ اعتداء” لاحيوانى” مقيت ،يهدف إلى فناء شعب غزة المدنى الأعزل البرئ ،فى ظل صمت وخرس رهيب من الغرب الأوروبي، المتشدق بقيم الحضارة الأوروبية، من حقوق الإنسان و قيم الديمقراطية والإنسانية والحرية والعدالة، التى تضيع وتصبح مجرد عبارات و شعارات جوفاء أمام الإنبطاح لسيطرة أمريكا ،والمصالح المشتركة بين أوروبا والولايات المتحدة، فتسقط أمامها جميع الأقنعة الزائفة ،والمبادىء الجوفاء.
ورغم فداحة وفظاعة العدوان على غزة، الذى خلف اكثر من ٢٠ الف شهيد، وأكثر من ٥٠ الف جريح، ودمر الاف المنازل والمبانى، حتى الآن ، الإ أن له نتائج إيجابية، يمكن إيجازها فيما يلى:
أثبت العدوان المقيت الوحشى على غزة، صمود شعبها وقوة إيمانه بالله و عقيدته و أرضه وأقصاه ، وأنه أمام قوة الإيمان بالله والأرض والقضية والعقيدة ،تنحدر و تنهزم أعتى الجيوش وأبطش الأسلحة ،و تحالف قوى الشر فى العالم.
وهذا مؤشر رباني على إقتراب وعد الله الحق، بانتصار الإيمان على الكفر ،و الحق على الباطل ،مهما تعملق و تشيطن و تحالف الشر ،ومهما كانت فروق موازين القوى، و تماسك وقوة إيمان شعب غزة، فى هذا الزمان المادى الذى تضعف فيه قوى الايمان والأخلاق، يؤكد خيرية هذه الأمة ،و بشرى انتصارها، لتمسكها بالإيمان الذى سينتصر فى نهاية الصراع الأزلى بين الحق والباطل.
تساقط ورقة التوت و الأقنعة عن الغرب الأوروبي، و سقطت معها شعاراته الزائفة بقيم الحضارة الأوروبية من حقوق الإنسان و الديمقراطية ،و الحرية و الانسانية والعدالة ،فحكومات أوروبا ما بين مؤيد منبطح إنبطاحًاً تاماً للعدوان على غزة ،و تأييده بالمال والسلاح والقرارات ،مخاطبة لود الولايات المتحدة، و انبطاحاً لها ،و تزاوجاً للمصالح معها ،و رسماً للدور الذى ارتضته أوروبا، بأن تكون تابعا خاضعا لأمريكا و سياستها ،بالباطل او بالحق.
أكدت هذه الحرب وهذا العدوان الوحشى على غزة ،والمستمر بدعم امريكا المباشر ،لمدة ٣ شهور ،بالمال والسلاح ،و قرارات ” الفيتو ” فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ،ضد أى مشروع قرار لإيقاف هذا العدوان ،وجه أمريكا القبيح وموقفها الأيدولوجى والتاريخى الذى أكده ” بايدن ” بمقولته : “لو لم توجد إسرائيل..لأوجدناها. “
هذه المقولة التى تثبت ان أمريكا هى الشيطان الأكبر عبر كل العصور ،بسياستها المتسلطة على الدول والشعوب ،إما بالهيمنة العسكرية ،أو التبعية الاقتصادية ،او غطرسة الأسلحة الفتاكة ،و كانت هى من ألقت أول وآخر قنبلة نووية على نجازاكى وهيروشيما ،لتؤكد للعالم مصير من يعارضها و أنه ،وكما قال بوش الإبن ،إما تكون معى ،أو تكون ضدى ،و معى فى فكر أمريكا هو تحقيق مصلحتها العسكرية والاقتصادية و الهيمنة على حسابك ،أما ضدى ،فليس لك الإ الدمار و الحصار و البطش بالاسلحة الفتاكة.
إن إسرائيل كيان سرطانى خبيث ،نجح الغرب والولايات المتحدة الأمريكية فى زرعه و استفحاله وسط العالم العربى والاسلامى، وفى أهم مناطق العالم بالنسبة لهم وهي منطقة الشرق الأوسط، و تقوم أايدولوجية أمريكا والغرب على أن وجود الكيان الصهيوني يعمل على تفريق الدول العربية، و اختلاف كلمتهم ،و تحقيق أهداف أمريكا وأوروبا فى الهيمنة والسيطرة ،الاقتصادية و العسكرية ،بل و العقائدية ،بايجاد و دعم إسرائيل ضد عدو مشترك لامريكا و اليهود والغرب المسيحى ،و هو الاسلام.
يجب على الدول العربية والإسلامية، الانتباه التام لهذه العقيدة والأيدولوجية، التى يؤمن بها كل من اليهود و الغرب الأوروبي والأمريكي المسيحى ،و إنهم – وللأسف الشديد – ناجحون فيها، بالعمل على تفريق كلمة واجتماع و مصلحة العرب ،مما يخدم أغراضهم الاستعمارية والاقتصادية و العقائدية ،و أن الصراع بين الكيان الصهيوني و فلسطين ،صراع عقائدى قومى وطنى أرضى وجودى ،وأن الضمان الوحيد للانتصار هو توحد و إجتماع الدول العربية والإسلامية على موقف واحد و كلمة واحدة ،و الانتباه إلى مخاطر الفرقة و الإنقسام والإختلاف ،حتى يتحقق وعد الله للأمة الاسلامية بانتصار الحق على الباطل .وانه يوم قريب.
د. مدحت العزب
كاتب وطبيب مصري
اقرأ للكاتب