مينا عازر يكتب: برامج الإصلاح الاقتصادي 1-2

هل تعامل الدول مع برامج الإصلاح الاقتصادي من صندوق النقد الدولي تضمن لها التعافي الاقتصادي؟!

عزيزي القارئ، مهلاً وقبل أن تقفز بعينيك، وتحلل بعقلك سطور هذا المقال، على أن أوضح لك أنني هنا أرصد حقائق لا يمكن لأحد إنكارها، متخذا قرار حاسم بألا أكون متحيز لأي من الموقفين الداعم لبرامج الإصلاح الاقتصادي التي يضعها الصندوق أو المهاجم لها، وعلي أن أؤكد على ذلك، فلك وحدك حق تقييم الموقف ووضع يدك على الخلل إن وُجِد.

الدول التي خضعت لبرامج صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي منذ تأسيسه في عام 1944، تختلف من حيث حجمها وموقعها الجغرافي ونظامها الاقتصادي، وهناك بعض الدول التي خضعت لتلك البرامج بشكل متكرر، مثل الأرجنتين، ومصر، واليونان وباكستان.

وفيما يلي بعض الأمثلة للدول التي خضعت لبرامج صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي:

الدول العربية: مصر، الجزائر، تونس، المغرب، الأردن، لبنان، سوريا، العراق، اليمن، السودان.

الدول الأفريقية: جنوب إفريقيا، نيجيريا، غانا، كينيا، إثيوبيا.

الدول الآسيوية: الصين، الهند، إندونيسيا، تايلاند، كوريا الجنوبية، الفلبين، باكستان، تركيا.

الدول الأوروبية: اليونان، البرتغال، إسبانيا، أيرلندا، قبرص، بلغاريا، رومانيا، المجر، بولندا.

أبرز ملامح البرامج المشتركة بين تلك الدول التي تطلب مساعدة الصندوق هي: تخفيض الإنفاق الحكومي بما في ذلك الإنفاق على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وذلك بهدف تقليص عجز الموازنة العامة.

زيادة الضرائب: وذلك بهدف زيادة الإيرادات العامة وتقليص عجز الموازنة العامة.

تحرير الأسواق: بما في ذلك تحرير أسعار الصرف والتجارة الخارجية، وذلك بهدف تعزيز المنافسة وزيادة الإنتاجية.

إصلاح القطاع المالي: بما في ذلك تعزيز الرقابة المالية وحماية المودعين، وذلك بهدف الحد من المخاطر المالية.

وتختلف آراء الاقتصاديين حول نجاح البرامج الاقتصادية الإصلاحية في إقالة الدول من عثرتها. فهناك من يرى أن تلك البرامج نجحت في تحقيق أهدافها، مثل خفض عجز الموازنة واستقرار أسعار الصرف وتعزيز النمو الاقتصادي، وهناك من يرى أن تلك البرامج فشلت في تحقيق أهدافها، بل أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في بعض الدول.

1-4

ويمكن القول إن نجاح البرامج الاقتصادية الإصلاحية في إقالة الدول من عسرتها يعتمد على مجموعة من العوامل، منها:

مدى التزام الحكومة بتنفيذ البرامج الإصلاحية، فكلما زاد التزام الحكومة بتنفيذ البرامج الإصلاحية، زادت فرص نجاح تلك البرامج.

مدى ملاءمة البرامج الإصلاحية للظروف الاقتصادية والاجتماعية للدولة: فكلما كانت البرامج الإصلاحية مناسبة للظروف الاقتصادية والاجتماعية للدولة، زادت فرص نجاح تلك البرامج.

وجود عوامل خارجية إيجابية: فمثلاً، إذا كانت أسعار السلع العالمية في ارتفاع، فإن ذلك يساعد على تحقيق أهداف البرامج الإصلاحية.

وبشكل عام، يمكن القول إن البرامج الاقتصادية الإصلاحية قد نجحت في إقالة بعض الدول من عثرتها، لكنها فشلت في إقالة دول أخرى، ويعتمد نجاح تلك البرامج على مجموعة من العوامل، منها التزام الحكومة بتنفيذها وملاءمتها للظروف الاقتصادية والاجتماعية للدولة ووجود عوامل خارجية إيجابية.

عفوا عزيزي القارئ، سأتركك عند هذا الحد واعداً سيادتك بأن -إن أبقى الله في عمري- لأواصل الكتابة سأعود لك بتحليل مستفيض بأسباب نجاح أبرز دولتين تعاملتا مع الصندوق هذا وأسباب نجاحهما وسأرصد لك حجم معاناة الشعوب تحت وطأة هذه البرامج، ولماذا فشلت بعض الدول مع وعد -بإذن الله- بشرح نقطة هامة هي كيف يساهم ارتفاع الأسعار للسلع العالمية في مساعدة الدول من القيام من عثرتها والاستفادة من برامج الإصلاح الاقتصادي.

المختصر المفيد، كما أنه لا يمكننا تعميم الأحكام بفشل ونجاح البرامج أو خطط الإصلاح كذلك لا يمكننا تعميم خطوات الإصلاح ونسخها وتطبيقها بدون النظر لأمور عدة قد نراها المقال القادم فانتظرونا بإذن الله.

د. مينا ملاك عازر

اقرأ للكاتب

مينا عازر يكتب: بعيداً عن المذهبية المقيتة

شكرا للتعليق على الموضوع