محمد خضر يكتب : قضية الخلق بين القرآن الكريم والعلم الحديث (5)

الرسالة الخامسة تحت عنوان “قصة الخلق بين القرآن الكريم والعلم الحديث”

قبلنا بحوالي 4.5 بليون عام اصطدم جسم بحجم كوكب المريخ بالأرض بسرعة 25 الف ميل فى الساعة.

شكل يوضح لحظة اصطدام الجسم بالأرض
شكل يوضح لحظة اصطدام الجسم بالأرض

ابتلعت الارض اكثر الجسم المصطدم بها، ولكن محيت نثور من البقايا المذابة فى الفضاء، وفى اقل من عام، جمعت الجاذبية البقايا الى جسيم كروى ثانوي يدور حول الارض، وتواجد منذئذ القمر، فقد كان تكون القمر حدثا هاما للغاية فى تاريخ الارض، وتأثيره قبل اكثر من 4 بليون عام مهم جدا لمناخ الارض اليوم، فقد حافظ القمر على ثبات الارض، شده الجاذبي يحمى الارض من التخلخل، ويحمينا من تقلبات الطقس الضارية، والتصادم الذى كون القمر جعل الارض مائلة على محورها، معطية للكوكب مكونا رئيسيا للحياة وهو الفصول، وجود الفصول هام للغاية لنشأة الحياة على الارض، ووجود بعض الاتزان فى ميل الارض على محورها هاما ايضا للحفاظ على الحياة على كوكب الارض، تبدأ جاذبية القمر ايضا بإبطاء دوران الارض ليطيل اليوم فى النهاية من ست ساعات الى اربع وعشرين ساعة.

قبلنا بحوالي 4.4 بليون عام، الارض حارة جدا لتكون الماء السائل، ولكن يوجد بخار ماء فى الغلاف الجوي، ولكن كيف لها ان تهبط من السماء؟، لملايين السنوات وعندما انخفضت الحرارة، انهمر المطر، لتكون برك وبحيرات وفى النهاية محيطاتنا.

 قبل مضى 3.8 بليون عام، اصبح لكوكبنا قمرا ومحيطات دائمة، ولكن لا يكاد المكان الذى ندعوه الان الارض، ليكون مسرحا لتاريخ البشرية، فتحتاج الارض الاوكسجين ليصل الغلاف الجوي.

فى الحقيقة، وجد العلماء مؤخرا اشياء كثيرة تحوى على رابطة غامضة لأول حياة على الارض، قبلنا بحوالي 3.8 بليون عام، تحت سطح المحيطات البدائية، يحدث تطور اول خلية حية خلقها الله عز وجل.

ستة عناصر بسيطة منها الهيدروجين من الانفجار العظيم، والاوكسجين والكربون والنيتروجين عناصر صنعتها النجوم، امرها الله سبحانه وتعالى ان تندمج لتكون العناصر الاساسية التي سيتكون منها جميع الاحياء على الارض ونحن منهم، اعجب شيء فى هذه العملية هو الحامض النووي، داخل حلزوناته تكمن اسرار شفرات الحياة، بعد سبعمائة الف عام من تكون كوكب الارض تبدأ الحياة علية، لا نتكل على اكتاف العمالقة ولكن على كائنات دقيقة جدا البكتريا، وهى موجودة حتى الان حولنا وداخل اجسادنا، وفى الواقع يعيش فى اجسام كل منا بكتيريا اكثر من عدد البشر على كوكب الارض، لبلايين السنوات تستحوذ هذه البكتريا على الارض، وكعالمنا الوليد، الحياة الاولى كانت بسيطة وصغيرة ومليئة بالإمكانيات، وسر تفجرها لكل هذه الاشياء التي عاشت وتعيش على الارض يعود لبداية الزمان، كما رأينا جميع الطاقة التي تواجدت فى الكون تكونت من الانفجار العظيم، تحتاج كل المخلوقات ان تنتزع نصيبها من هذه الطاقة لتحيا، كلما سخرنا هذه الطاقة اكثر، كلما نستخدمها بكفاءة اكثر، وتصبح اكثر تعقيدا، وكل نصيبنا تقريبا من طاقة الانفجار العظيم تصل الينا من الشمس.

قبلنا بحوالي 2.5 بليون عام، اكتشفت بعض البكتيريا الخاصة كيف تستهلك طاقة الشمس لتحيا، وبالقيام بذلك يصنعون ايضا اهم المخلفات فى تاريخ العالم “الاوكسجين“، وسيعيد الاوكسجين هذا صناعة العالم الذى نعيش فيه، لكن فى المقام الاول عليه القيام بمهمة هامة اخرى، فالبحار والمحيطات مليئة بجزيئات الحديد، وكلنا نعلم ماذا يحدث عندما يجتمع الاوكسجين والحديد، حيث تصدر البكتريا الضئيلة جزئ من الاوكسجين فيرتبط بقطعة من الحديد فيصدأ، ويتراكم هذا الحديد الصدئ في قاع البحر، وبعد بلايين السنوات ستصعد تلك الترسبات الكبيرة لتصبح اكثر مصادر العالم من الحديد والصلب، فهذه الترسبات الحديدية هى التي قادت الثورة الصناعية.

بمجرد عدم وجود مزيد من الحديد بالبحر ليصدأ، لدى هذه البكتريا العتيقة الدقيقة مهمة لتنجزها، يصنعون كمية كبيرة من الاوكسجين، والذى يملأ المحيطات ويهرب الى الغلاف الجوي، ومنذئذ لدينا كوكب مختلف عن جميع الكواكب فى المجموعة الشمسية.

والان تأخذ الحياة على الارض قفزة عملاقة، للمرة الاولى على كوكب الارض وبقدرة الخالق سبحانه وتعالى تتعلم بعض البكتريا الحياة على الاوكسجين، الاوكسجين هو العنصر الفارق لقفزة الحياة الى مستوى ارقى، فقد سخره الله عز وجل لتجد هذه البكتريا طريقة افضل لتقوى نفسها، فالأوكسجين اكثر فعالية عشرون مرة عن أي شيء استخدم على الارض من ذي قبل، وما تفعله الاحياء بكل هذه الطاقة الجديدة، يتكون القصة التي تقود الى البشر.

على مر البليونين سنة التالية تصبح الحياة اكثر تعقيدا، تصبح السماء زرقاء، وكذلك المحيطات التي تعكسها، وتظهر قارات صلبة وضخمة، وبدأت الارض تشبه كثيرا المكان الذى ندعوه الان موطن البشر.

قبلنا بحوالي 550 مليون عام، وباحتفال الكوكب بمولده ذو الاربعة بلايين عام، ارتفعت مستويات الاوكسجين فى الغلاف الجوي، من لا شيء تقريبا حتى ثلاث عشرة بالمائة  تقريبا، وبوصول الاوكسجين لهذه النسبة فى الغلاف الجوي ستنفجر الحياة على الارض، وهذا هو “الانفجار الكامبرى” كما يطلقون عليه علماء الاحياء، وهو النسخة الحيوية من الانفجار العظيم، فبوجود حزمة من الاوكسجين تحصل على الحجم والتعقيد، ويقوم الاوكسجين بذلك، وفى تلك الحقبة وعلى مدار 30 مليون سنة، تطورت اكبر المجموعات الحيوانية.

قبل حوالى 500 مليون عام تطور اول سمك عظمى فى البحار، فقد وضع الله عز وجل قانون ثابت فى الارض منذ بداية اول خلية حية على الارض، وهذا القانون هو ” قانون التطور”، والعلم الحديث اثبت بصورة واقعية ومن خلال الحفريات ان هناك تطور حدث بالفعل وما زال يحدث، ومن الناحية الدينية لا يتعارض ذلك ابدا مع ايات الخلق فى القران الكريم، وهذا ما سأوضحه فى مدخل نظرية التطور فى القران الكريم، فلا يوجد أي مانع ان الله عز وجل وضع ” قانون التطور” للحياة على الارض مثلما وضع القوانين التي تحكم الكون وتنظمه منذ بداية خلقة، فالكون ليس أزلي وله بداية ونهاية.

تؤكد ابحاث العلماء حول العالم ان تطور اول سمك عظمى فى البحار كان قبل حوالى 500 مليون عام، وهذه الاسماك هى اسلافنا المباشرة، ورغم اختلافهم عنا فأنها بقانون التطور الذى وضعه الخالق سبحانه وتعالى طورت الاجزاء الجسدية التي تجعل اجسادنا نحن ممكنة، بما فى ذلك الشوك وفم بفكين واسنان، وقد اثبت العلماء ان كل ما يتواجد الان من كائنات حية تمثل تعديلات لقوام السمك الجسدي الأصلي.

فى اول اربعة بلايين عام من عمر الارض، التزمت النباتات والحيوانات بالبحار، ولكن يبدأ كل ذلك بالتغير، فبالأوكسجين تأتى طبقة الاوزون تحمينا من الإشعاعات الشمسية والكونية الخطيرة، تقوم النباتات بالتحرك اولا الى اليابسة، وقبل 400 مليون عام تقريبا، اصبحت الحيوانات جاهزة للقيام بالطفرة المحكومة بقانون التطور الذى وضعه الله سبحانه وتعالى، فأول من توجهوا الى اليابسة بعد النباتات هى البرمائيات، وسنكون نحن البشر من اسلافها، وبالنسبة لي ادهش شيء على الاطلاق عن تطور الحيوانات هى تلك اللحظة التي خرج فيها اول برمائي من البحار الى اليابسة، ويستنشق هواء مملوء بالأوكسجين.

  وفى النهاية سيغزو الانسان كل بقعة محتمله على الارض، ولكن قبل حدوث ذلك يجب ان يقطع اسلافنا اولا رابطتهم الاخيرة بالماء، ويأتي موسم التزاوج للبرمائيات، وهى كالضفادع المعاصرة لديها بيض هلامي يجف على اليابسة، ولكن قامت بعض البرمائيات بحل المشكلة فى النهاية محكومة بقانون التطور الذى وضعه الله سبحانه وتعالى، فقد طوروا شكلا جديدا من البيض بقشرة لتحافظ على رطوبتهم بالداخل، وهذا مؤشر لتطور البرمائيات الى زواحف، فتقطع تلك الرابطة الاخيرة علاقتها بالبحار، وهكذا تستطيع استعمار بقية اليابسة. قبلنا بحوالي 300 مليون عام ….

تابعونا : الرسالة السادسة

شكرا للتعليق على الموضوع