محمد النقلى يكتب: إصطباحه ” “أوراق من التاريخ .. هكذا كانوا .. وهكذا نحن”

   كثيراً ما يُلقي التاريخ بأوراقهِ في وجوهنا  ” غضباً وحِنقاً “.. علَّنا نتدارسها ونتعلم منها .. تلك الأورق التي تحمل في طياتها الكثير .. والكثير جداً من المرويات التي تحكي عن عظمة أجدادنا نحن العرب والمسلمين .. وعلى قدر ماترويه تلك الأوراق وتوضحه من أمجاد سابقينا .. تكشف بنفس القدر عن عوراتنا .. وماصرنا إليه من خنوع وخضوع  .. وتحكي .. كيف هانت علينا أنفسنا .. فهُنَّا على الوضيعُ من الأمم ..

   تحكي لنا إحدى تلك الأوراق .. عن قصه حدثت في العصر الأموى .. وتحديداً في عهد الخليفه الأموي ” هشام بن عبدالملك ” .. عاشر خلفاء بني أميه .. والذي بلغت  الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهدهِ .. إذ امتدت حدودها من أطراف الصين شرقاً حتى جنوب فرنسا غرباً .. تقول الروايه .. قدم هشام بن عبد الملك حاجا إلى مكة .. فلما دخلها قال ائتوني برجلٍ من الصحابة .. فقيل : يا أمير المؤمنين قد تفانوا .. فقال : من التابعين .. فأتوا له برجل يدعى ” طاووس بن كيسان اليماني ” .. فلما دخل عليه .. خلع نعليه بحاشية بساطه .. ولم يُقبل يديه  .. ولم يسلم عليه بإمرة المؤمنين .. ولكن قال : السلام عليك يا هشام .. ولم يكنه وجلس بإزائه ..

   غضب “هشام بن عبد الملك” غضباً شديداً حتى همّ بقتلهِ .. فقيل له : أنت في حرم الله وحرم رسوله .. ولايمكن ذلك ! فقال بن عبد الملك لطاووس : ما الذي حملك على ماصنعت ؟ قال ” طاووس″ : وما الذي صنعت ؟! فإزداد هشام غضباً وغيظاً وقال له : فعلت كذا .. وكذا ..

إنظروا .. ماذا كان رد ذلك ” الطاووس ” على ” أمير المؤمنين ” ..

–  أما ما فعلت من خلع نعلي بحاشية بساطك .. فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات ولا يعاقبني ولا يغضب عليّ .

–  وأما لماذا لم أُقبل يدك .. فإني سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: لا يحل لرجل أن يقبل يد أحد إلا امرأته من شهوة أو ولده من رحمة .

 –  وأما قولك لم تسلم عليّ بإمرة المؤمنين فليس كل الناس راضين بإمرتك فكرهت أن أكذب

 –  وأما قولك لم تكنني فإن الله تعالى سمى أنبياءه وأولياءه فقال: يا يحيى يا عيسى وكنى أعداءه فقال : ” تبت يدا أبي لهب “.

 –  وأما قولك جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه يقول : إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام .

يا الله .. ! أرآيتم .. رجل من عامة الناس .. يجلس بين يدي ” أمير المؤمنين ” ويلقنَّهُ درساً .. بكل شجاعه .. ويملك الحجه التي لايملكها ” هشام بن عبد الملك ” .. ليت الأمر يتوقف عند هذا .. فلننظر ماذا كان رد هشام .. قال له هشام : عظني .. ياللعجب !! أمير المؤمنين يطلب الموعظه من رجلٍ من العامه .. ولا يتعالى  .. هكذا كانت العلاقه بين الحاكم .. والمحكوم .. فماذا كانت موعظة طاووس لأمير المؤمنين ؟

    قال له طاووس: سمعت من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يقول: إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته . ثم قام و.. إنصرف

هل يوجد بين أمراؤنا .. من تأسى ” بهشام بن عبد الملك ” .. وهل بيننا .. ” طاووس ” ؟!

” إستقيموا يرحمكم الله “

بقلم : محمدعلي النقلي

Elnokaly61@gmail.com

اقرأ للكاتب :

العرب ضد .. العرب

شكرا للتعليق على الموضوع