مساعد عبد العطى يكتب : رؤية دستورية ” تيران وصنافير “

حول ( احالة مجلس الوزراء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية ” تيران وصنافير ” للبرلمان )

اعتماد مجلس الوزراء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية مع المملكة العربية السعودية وإحالتها للبرلمان للتصديق عليها هو إجراء دستوري يأتي متفقا مع الدستور المصري الحالي .

وقبل الحديث عن الصلاحيات الدستورية المخولة للبرلمان المصري حيال موضوع الاتفاقية المعروضة عليه ، نجد أنه من الواجب أن نعرض في البداية لبعض الحقائق القانونية عن الاتفاقيات الدولية ، والمرتبطة بالتصديق علي المعاهدات والاتفاقيات الدولية .

أولا : الاتفاقيات الدولية :

هي اتفاق دولي مكتوب بين أشخاص القانون الدولي العام ( الدول و المنظمات الدولية ) أي أنه يمكن أن تكون الاتفاقية بين دول أو بين دول ومنظمات دولية ، والاتفاقيات هي عمل قانوني وليست قرارات إدارية ، وهي ترتب آثارا قانونية علي الدول ، وبالتالي يجب أن تكون إرادة الدولة عند إبرام المعاهدة حرة وخالية من عيوب الإرادة مثل الغلط والإكراه والتدليس .

والعبرة بطبيعة الاتفاق الدولي بغض النظر عن تسميته ، فيمكن أن يسمي الاتفاق الدولى معاهدة أو اتفاقية أو ميثاق أو عهد أو بروتوكول أو خطابات متبادلة .

– الاتفاقية الدولية تمر بعدة مراحل حتي تعتمد وتنتج آثارها القانونية وتتمثل تلك المراحل في الآتي :

* المفاوضات والمشاورات بين الدول الراغبة في إبرام الاتفاقية من خلال تشكل فرق تفاوض فنية وقانونية ودبلوماسية ، وبعد المفاوضات يتم التوافق علي الأحكام التي سوف تضمن بالاتفاقية .

* تحرير نصوص وأحكام الاتفاقية علي أن تتضمن الديباجة وهي تعبر عن الأسباب و الاهداف التي دفعت بالدول الموقعة علي إعداد الاتفاقية ،ثم الأحكام التي جاءت بها ، الأحكام الختامية بشأن تسوية المنازعات والتنفيذ .

* التوقيع علي الاتفاقية بموجب صكوك معتمدة من السلطات المختصة لمندوبها الذين سيوقعون علي الاتفاقية ، وتسلم تلك الوثائق قبل التوقيع .

* التصديق : ويعني اعتماد وإجازة الاتفاقية من السلطة المختصة داخليا في الدول الموقعة ، وقد تكون البرلمان بمفرده أو رئيس الجمهورية أو يشتركان معا أي حسب النظام الدستوري المتبع في كل دولة ، والغرض من إقرار التصديق هو إعطاء الدول مكنه من الوقت لمراجعة الأحكام التي وقعت عليها بالاتفاقية ، وأيضا إعطاء السلطة البرلمانية حق مشاركة السلطة التنفيذية في إبرام المعاهدات الدولية .

ثانيا : الدور الدستوري للبرلمان المصري في التصديق علي المعاهدات والاتفاقيات الدولية :

يملك البرلمان المصري دستوريا حق التصديق أو الرفض علي المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبرمها السلطة التنفيذية ، وسند ذلك نص المادة 151 من الدستور الحالي والتي جاء نصها علي النحو التالي –

” يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة”

ومن ثم وتأسيسا علي ماسبق فإن البرلمان يحق له عند التصدي و نظر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية ،بحث ودراسة كافة الاحكام الواردة بها وبالتالي يمكن له بموجب اختصاصه الدستوري أن يتخذ أيا من المواقف التالية :

– يحق للبرلمان رفض التصديق علي الاتفاقية .

– عرض أمرها علي الاستفتاء الشعبي متي تيقن أنها من عداد المعاهدات الدولية الصلح والتحالف أو ما يتعلق بحقوق السيادة .

– التريث انتظارا للحكم القضائي الذي ستصدره المحكمة الإدارية العليا .

– التصديق علي المعاهدة دون الانتظار لحكم المحكمة ، وهنا اذا صدر حكم المحكمة وقضي بمصرية الجزيرتين ،فإننا سنكون أمام إشكالية دستورية خطيرة مفادها تعارض الاختصاصات الدستورية المقررة لسلطات الدولة التشريعية ممثلة في البرلمان و السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة ، السلطة القضائية ممثلة في المحاكم ، وأيضا نطاق سريان نظرية أعمال السيادة وسلطة القضاء في مراقبة السلطة التنفيذية في الاستناد لتلك النظرية عند إبرام بعد الاتفاقيات الدولية .

ومن كل ماسبق بيانه نوصي البرلمان المصري بتشكيل لجنة قانونية وفنية موسعة يناط بها ،دراسة الأحكام الواردة بالمعاهدة من شتي النواحي الدستورية والقانون الدولي العام ،وكذا دراسة الأسانيد والوثائق التي دفعت الحكومة المصرية لتوقيع تلك الاتفاقية ، وصولا الي أسباغ التوصيف القانوني السليم علي الاتفاقية ،ومن ثم اتخاذ القرار المناسب حيالها .

المستشار الدكتور : مساعد عبدالعاطي شتيوي

مستشار بالنيابة الإدارية ودكتوراه في القانون الدولي العام 

اقرأ للكاتب :

علاقات مصر والمغرب

شكرا للتعليق على الموضوع