ناصر اللحام يكتب : 14 رئيساً أمريكياً ظلموا فلسطين.. فماذا سيفعل ترامب؟
منذُ الحرب العالمية الثانية مرّ على البيت الابيض أربعة عشر رئيساً، حكموا الولايات المتحدة الأمريكية على مبدأ أنّ إسرائيل هي الحليف الأول لها في العالم. ورغم أنني قرأت التاريخ الامريكي جيداً، واتجاهات الكنائس المسيحية سياسياً ودينياً، فإنني لم اجد لغاية الأن ما يفسر هذا التحالف غير المقدس والمتناقض دينياً بين الكنيسة الأمريكية وبين الحركة الصهيونية العلمانية.
فالكنيسة الأمريكية الأكبر اتساعاً هي الكنيسة الاسقفية البروتستانتية، وهي طائفة انجليكانية، وتنتشر أيضاً في أمريكا اللاتينية مثل هندوراس وفنزويلا وهاييتي والدومينيكان.
ولكننا لو تابعنا البحث سنجد أنّ ابناء هذه الطائفة هم الأكثر تعلماً وثراءً وهي كنيسة محدثة سمحت بتعيين امرأة في منصب مطران، وسمحت بزواج القساوسة.
ومن هنا سندخل إلى مفتاح العلاقة بين أثرياء هذه الكنيسة وبين اثرياء اليهود في أمريكا لنكتشف أنّ هذا التحالف هو تحالف اقتصادي وليس تحالف ديني.
فأمريكا هي وطن اليهود الأول وفيها أكبر عدد من اليهود في العالم، فيما إسرائيل هي ثاني أكبر تجمع لليهود في العالم.
وبما أنّ ترامب ملياردير ويمثل اثرياء الكنيسة، فانه ولا شك سيتحالف بشكل اقوى مع اثرياء اليهود في أمريكا. ولكن هذه لعبة مزدوجة وقد تكون محفوفة بتنافس السوق وعناد الرؤوس القاسية.
فمعظم الأثرياء في اللوبي الصهيوني التقوا بالرئيس عباس واظهروا له رغبتهم في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويمثلهم دانييل ابرامز ومادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والسفير الأمريكي السابق مارتن انديك والقنصل جاك والاص وساندي برغر وقادة كبار في عالم السياسة والدبلوماسية والاقتصاد والتجارة والسياحة والكونغرس.
ولو تساءل احد. لماذا يريد هؤلاء صنع سلام في المنطقة هنا والعودة للمفاوضات؟ لكانت الاجابة أنّ مصلحتهم الاقتصادية كأثرياء أن تفتح الاسواق العربية- رغم أنها مفتوحة تماماً- وأن يرتعوا في استثمارات كبيرة لمئة سنة اخرى في العالم العربي.
الرئيس فرانكلين روزفلت ابان الحرب العالمية الثانية لم يكن متحمسا لاقامة اسرائيل وقد استغرب اصرار بريطانيا على اقامتها وتوقع أنها ستتحول إلى بؤرة صراع دائم يشعل الشرق الاوسط، بل وتردد الرئيس هاري ترومان بعدها في فتح العلاقات مع إسرائيل.
ومن يقرأ مذكرات رئيس وزراء إسرائيل اشكول سيجد أنّ قادة اسرائيل وحتى بداية الستينيات ظلّوا قلقين ومتخوفين من الموقف الامريكي، في حين كان الداعم الأول لاقامة إسرائيل روسيا وبريطانيا.
هل نحن أمام فيلم مكرر وممل؟ وهل سيفعل ترامب ما فعله 14 رئيساً قبله ويظلم فلسطين ويقف مع العنصرية الصهيونية؟
الاغلب أن الإجابة نعم وهذا ما سيحدث. ولكن….
لكن الاهم أنّ فلسطين ستبقى أكبر من كل القادة والزعماء، وبغض النظر عن الخلافات الداخلية الفلسطينية. وموقف خصوم الرئيس عباس منه.
إلا أنّ فلسطين أكبر من محمود عباس، وأكبر من خالد مشعل والزهار ورامي الحمد الله، وهي أكبر من ستالين وبريجنيف وبلفور ومارغرت تاتشر.
فلسطين كانت في القرن الماضي أكبر من ترامب وأكبر من روزفلت وترومان وجون كينيدي وجونسون ونكسون. وأكبر من فورد وجيمي كارتر ورونالد ريغان وجورج بوش وابنه وبيل كلينتون وزوجته ـ وأكبر من اوباما ونتانياهو رابين وبيريس وشامير ودايان وبيغن.
كلهم رحلوا. وكلهم سيرحلون، وستبقى فلسطين هي الوطن الخالد. والوطن أكبر من أن يقرر مصيره رئيس أو اثنان أو عشرين.
اقرأ للكاتب :
مفاجأت مروان البرغوثي في الايام القادمة