يوميات دينا ابو الوفا … عارفين
دائماً ما تضعنا الحياة فى اختبارات عديدة و مختلفه ، منها ما نخفق فيها بشدة و منها ما ننجح فيها بجدارة …
و من اهم و اصعب هذه الاختبارات هو اختبار” الوفاء ” …
نعم الوفاء …. الوفاء بكل اشكاله …. الوفاء لصديق ، لحبيب ، لزوج ، لأهل ، لعمل ، لمبدأ ، لهدف ، لقضية حياتيه …. الخ الخ …
و ما جعلنى أتطرق لهذا الموضوع هو مشاهدتى لحلقات مسلسل ” حلاوة الدنيا” و الذى اصيبت فيه ” امينه” بسرطان فى الدم …
وتابعت بعناية ردود افعال كل من حولها تجاه هذا الخبر و كيف ان كل منهم تعامل مع الموقف و معها بطريقته الخاصة …
ظهرت الجدة القوية الحكيمة التى ادركت ان العائلة هى المصدر الرئيسى لمد امينه بالقوة التى تمكنها من مواجهة تلك الكارثة ، فظلت تبتسم فى هدوء و تشد من آزر الجميع و لم تذرف دمعة واحدة ، بل انطلقت تبحث فى صفحات الانترنت عن معلومات حول المرض و طرق علاجه و نسب شفاؤه …
و جاءت والدتها لتلخص دور الام فى كلمة واحدة حين نظرت لابنتها محلوقة الرأس وقالت ” قمره ” …
ربما بكت وحدها ، انهارت وحدها ، لكنها امام ابنتها كانت ظهراً تتكئ عليه امينة …
و الأخت الصغرى التى بدت خفيفة متهورة عصبيه ، كانت بطريقتها الخاصة سنداً لأختها تحضر معها حقيبة المستشفى و تلازمها طوال فترة العلاج و قبلت التحدى فظهرت قوية على عكس ما توقعنا …
ثم يأتى رد فعل العم الذى ابتعد عنهم و ندرت زياراته على مر الأعوام …..الا انه بقلب الأب و مشاعره الحانية التى امتزجت بدور الطبيب الذى يمارس مهنة مقدسة و بالأخص فى أصعب التخصصات ، وقف متماسكاً عقلانياً …
وأخيراً و ليس آخراً ياتى دور الصديقة ” سارة”
التى أبهرتنا بموقفها ربما اكثر من الأهل …
فقد تبدو بديهية ردود افعال الأهل لأنهم ” من دم واحد ” كما يقال …
لكن ان تظهر صديقة بتلك الروعة و تلك القدرة على الوفاء ….. شىء جعلنى فى كل حلقة ” ارفع لها القبعه و انحنى أمامها” …
انحنى امام نظرات عينيها الممتلاة بالحب و الحنان لصديقتها ، امام دموعها التى انهالت عند سماع الخبر ، امام ضعفها و خوفها المؤقتان اللذان منعاها من زيارة صديقتها اول مرة فى المستشفى …
لم تكن ندالة بل كانت خوفاً من عدم القدرة على اجتياز مشهد صديقتها تتألم و تعانى …
امام اعتذارها لامينة و قطعها وعداً على نفسها ان تزورها فى المستشفى فى المرات المقبلة
أمام نكاتها و خفة ظلها و ضحكاتها العالية ، فخلقت بهم جواً يسوده المرح فى أحلك الأوقات
امام احتضانها لصديقتها و قبلاتها الجميلة الصادقه …
امام تحملها لمزاج صديقتها المتقلب و احتوائها بشكل يفوق كل التصورات …
حقاً ….. ان تكون صديقاً حقيقياً وفياً لهو امر نادر الوجود يستحق كل التقدير و الاحترام و التبجيل …
ربما كل هؤلاء الأشخاص وردود افعالهم ، هم من اعانوها على تقبل نذالة خطيبها و رد فعله الخسيس ….
الذى لم يتوقف للحظة منذ بداية المأساة فى التفكير هل يتركها وحدها ام يبقى معها …
لم يمنعه الحب ، لم تمنعه العشرة ، لم يمنعه شىء من الرحيل سوى خوفه من نظرة الناس اليه ، خوفاً من ان يراه الجميع ندلاً …
نظرة عينيه حين رآها بدون شعر رأسها و كأنه يرفض ان يحب تلك الهيئه !!!!
تهربه من لقائها مرارا و تكراراً و تحججه بحجج فارغه واهية …
تأجيله للفرح دون الرجوع اليها ومناقشتها !!!!
ضرب لنا مثلاً قوياً فى الضعف و الغدر و النذالة و الخيانة فى أبشع صورها …
فالخيانة لا تقتصر بين الاحباء على معرفة شخص اخر ، ولا تقتصر على خيانة جسدية
فى المجمل ، صور لنا المسلسل النقيضان …الخيانة والوفاء بشكل عبقري …
فهناك من ظل وفياً ، صامداً ، مسانداً ، قوياً …
و هناك من ظهرت خيانته ، انهزامه ، اختلاله ، وضعفه …
اقرأ للكاتبة :
لم نعد نجد من يشاطرنا ذلك الإحساس