رضا عبدالسلام يكتب : أي مصير ينتظر بنت البواب…وابن الزبال الذين حققوا التفوق في الثانوية العامة؟
أشعر بالأسف وأنا اتحدث عن قيم انسانية قبل أن تكون قيم دينية او إسلامية وهي قيم العدل التي نتشدق بها ولا مكان لها في ممارساتنا الا مارحم ربي. ولكني لن أكل ولن أمل من الحديث في هذا الشان لقناعتي بأن تقدم هذه الأمة مرهون بالعدل.
تابعنا جميعا احتفاء وسائل الاعلام بإحدى أوائل الثانوية العامة التي ولدت لأب يعمل بوابا على احدى العمارات.
هل سمعتم الفتاة وهي تتحدث؟ هل جذبكم حديثها ولبقاتها وثقافتها وعرفانها بالجميل ورقيها في الحوار؟ أنا على يقين بأن أغلب الاعلاميين والاعلاميات لا يملكون نصف موهبتها في الحديث وترتيب الحوار وحتى الحضور…بسم الله ماشاء الله.
والله ان فتاة كهذه افضل من عشرات الشباب الذين مهدت لهم السبل، ولم يحققوا عشر ما حققته. هذا نموذج مصري مكافح ومجتهد…نموذج للانسان المصري الأصلي وليس المصطنع او المزيف أو المتسلق.
أقول لوالد هذه الفتاة الرائعة، أنت لست رجل أعمال او مستشار او دكتور، ولكن حديث ابنتك بالأمس يؤكد حسن التربية. ويؤكد ما تركه لنا آبائنا واجدادنا من أثر طيب…فالعبرة ليست بشهادة الوالدين ولكن بالقيم التي يحملها الوالدين.
ففي الوقت الذي ينشغل فيه الكثير من الاثرياء ببناء القصور وتكديس الحسابات لأبنائهم انشغلت أنت ببناء الابن والبنت..وصدق فيك المثل المصري…ابني في ابنك وما تبنيش لابنك…نعم خير البناء هو بناء الانسان..يمكن ان اترك قصورا لابن فاشل او عاق، سرعان ما سيادر ببيعها او اهدارها.
اتمنى ان يعود هذا النموذج المشرف الى بيوتنا المصرية…التربية..الكفاح…الصبر…الثقة بالنفس..عدم الخجل من الوضع المادي البسيط…رأينا فتاة تتحدث بثقة وبفخر وبعزة نفس…فأباها ليس لصا او سوابق، ولكنه مكافح مصري شريف يأكلها بالحلال…والمؤكد انه يأكلها بالحلال لذا بارك الله له في الأهل والولد.
سؤال اخير أوجهه لوزير العدل الذي أقيل عندما حكم بأن ابن الزبال لا يصلح ان يكون قاضيا…ماقولك أيها المستشار يا رجل العدالة في هذه الفتاة…وأنت يا من تحدثت عن الزحف المقدس..ألا تصلح هذه الجوهرة لتكون قاضية يارجال العدل؟
والله انها بمهاراتها التي رأيناها شرف لجهاز القضاء أن تنتسب اليه إذا رغبت…فهي أولى من الكثير من محدثي النعمة والمتسلقين ومن صعدوا على جماجم الشرفاء من امثالها… وماذا عن الهيئات والمؤسسات الأخرى…اتمنى ألا توصد في وجهها الأبواب بسبب مهنة أباها الشريفة.
أتمنى أن يتخذ أبنائنا من هذا النموذج المصري الرائع قدوة ومثل مشرف..فالفتاة ليست فقط متفوقة علميا ولكنها راقية واعية ذكية مفوهة متزنة واثقة غير ناكرة لجميل…بارك الله فيها وفي كل نموذج مشرف…
وفي الختام، أؤكد ان هذا الوطن لن تقوم له قائمة ولن يتقدم خطوة إلى الامام الا بسواعد الشرفاء الاذكياء الأوفياء الأكفاء من أمثال هذه الفتاة…ومثلها بالملايين على ارض مصر العظيمة…بالعدل يولد التنافس والحلم والأمل وتتفجر الطاقات وتبزغ الكفاءات فيغرس الانتماء…فتتقدم الأمم….دمتم بخير .
بقلم الدكتور: رضا عبدالسلام محافظ الشرقية السابق ووكيل حقوق المنصورة حاليا
اقرأ للكاتب :
مرحبا بأوائل الثانوية العامة في حقوق المنصورة..وسيعينون قضاة رغم أنف الظالمين!