ناصر اللحام يكتب : الرؤساء العرب.. إما مخلوعا وإما مسحولا وإما مسجونا

بعد هرب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عام 2010 الى السعودية، دخل العالم العربي مرحلة جديدة ، مرحلة طوت خلفها 40 عاما من الحكم المطلق للزعيم وجماعته. وبدأت مرحلة الرقص على رأس الثعابين، كما قالت محطة “سي أن أن” الامريكية اليوم عند مقتل علي صالح الذي يتعامل معه الغرب على انه تاجر سلاح .

شاهدنا كل شيء يحدث مع الزعماء العرب، وعلى الهواء مباشرة. شاهدنا رئيسا يحاصر ويقصف الاحتلال مقره بالمدفعية ويستشهد مسموما باليورانيوم ( ياسر عرفات )، وشاهدنا رئيسا يشنق ( صدام حسين )، ورئيسا يسجن ( حسني مبارك في مصر )، ورئيسا يختبئ في دولة أخرى ( رئيس الصومال شريف شيخ أحمد حوصر قصره فهرب الى اديس أبابا )، ورئيسا يحكم عليه بالاعدام ( محمد مرسي العياط )، ورئيسا يسحل في الشارع وتوضع العصا في مؤخرته ( معمر القذافي )، ورئيسا يهرب الى دولة أخرى ( الرئيس هادي هرب الى السعودية )، ورئيسا يقتل في الشارع ( علي عبد الله صالح )، ورئيسا يطلب التدخل العسكري لتثبيت حكمه ( أمير البحرين طلب قوات التدخل الخليجية الى المنامة)، ورئيسا يعلن دولة ثم يفشل ( مسعود البرزاني في أربيل ) ، وشاهدنا رئيسا بلا دولة ( محمود عباس )، وشاهدنا دولة بلا رئيس ( لبنان )، وشاهدنا رئيسا يعلن استقالته من عاصمة اخرى ( سعد الحريري ) ، وشاهدنا رئيسا يعلن دولته من عاصمة أخرى ( سلفاكير أعلن دولة جنوب السودان من واشنطن وتل أبيب ). وشاهدنا صورا لا تصدق عن باقي الرؤساء والزعماء والملوك والامراء .

وجاءت سنة لم نعد نعرف فيها اذا كان الحكم نقمة أم نعمة !! فهذا مليونير يعلق من رجليه في التحقيق، وهذا رئيس يهرب من قصوره ويتمنى لو أنه من عامة الناس حتى يجرؤ على العيش في بيته !!

ضاقت بهم الأرض بما رحبت … منهم من يحتسب شهيدا، ومنهم من يتشفى الناس بموته لكثرة ظلمه .

في أنحاء أخرى من العالم، ينهي الرئيس مدته المحددة ويعود الى بيته ويعيش حياة طبيعية مع أولاده ، وشاهدت في السنوات العشر الماضية رؤساء سابقين لدول مستقرة يسيرون في الشوارع من دون حراسة ويدخلون الى الاسواق ويقفون على الطابور لشراء احتياجاتهم ، يقطعون الشوارع وينتظرون على الاشارة الضوئية ويلوّح البعض لهم تحية اعجاب، وقرأت عن أدب الاستقالات، وفن الحكم ، وبصيرة الحاكم في اقامة حكم رشيد ولم اجد أغرب من حكم الحكام العرب .

انهم يعتقدون أنهم خالدون ويعلّقون صورهم في الشوارع وفوق رؤوس الناس، وينافسون العطور النسائية في دعايات الشوارع، حتى تأتي لحظة الصدمة وينهار كل شئ فوق رؤوسهم .

وجاءت سنة، صار الناس فيها يخشون من الحاكم، ويخشى الحاكم فيها على حياته .

وجاءت سنة يقول فيها الحاكم الذي ملأ خزائنه بكنوز البلاد ( يا ليتني كنت فقيرا ) .

الحل بسيط .. فترة محدودة لكل حاكم عربي (وفي الممالك والامارات فترة حكم محدودة لرئيس الوزراء ) مدتها 4 سنوات وممنوع أن يتم تجديدها لانني لم أشهد أي حاكم عربي يستحق اكثر من 4 سنوات. فجميعهم متشابهون في القدرات ومستوى الذكاء. وحينها يعيش الحكام في سبات ونبات، وينجنون اولادا وبنات .

ولأول مرة في الحياة أسمع المواطن العربي يقول بكل سعادة ( الحمد لله أنني مواطن ) .

د. ناصر اللحام

اقرأ للكاتب : 

  الانهيار السياسي يؤدي الى انهيار اخلاقي .. حتما

شكرا للتعليق على الموضوع