إعدام اللذة بالرصاص “قصة قصيرة”
– ” تعال اقترب مني. لماذا أنت متردِّد؟”
قالت لي وهي ممدَّدة على السرير، وتمدُّ صوبي فخذيها غير المتناسقتين.
كدت أقول لها لأنك مسكينة، من أبناء بلدي المحطَّم، ونسائه المسحوقات. ولأنني هنا لأشتري لذتي وأعيل أطفالك.
شعرت أنها تستعجلني، وأن أفكارها تجول في مكان آخر.
_ ” هل أخلع ثيابي؟”، سألتها بخجل واضح.
_ ” كما تريد، لا مانع. لديك متَّسع من الوقت، نحو نصف ساعة”.
خلعت قميصي أولاً، وجلست على حافة السرير لأخلع حذائي، وبعده السروال، وحافظت على ملابسي الداخلية، وإن كانت لم تخفِ الانتصاب الذي بدأت أشعر به بمجرد دخولي الغرفة.
كانت تفوح من السرير رائحة كريهة. لم تكن النظافة هاجساً في هذا البيت للدعارة في منطقة زيونة الراقية في بغداد. حتى الحيطان لم يعد يُعرف لونها الأساسي. وباستثناء هذا السرير الملطَّخ بالبقع، والطاولة الصغيرة إلى جانبه حيث وُضعت فوقها قنينة ماء بلاستيكية وعلبة محارم، لا شيء آخر في الغرفة. لمحت باباً صغيراً مقفلاً، توقَّعت أن يؤدِّي إلى الحمام. لم أحاول أن أتخيَّل كيف ستكون حالته، وهل يمكن للانسان أن يتنفس بداخله لأكثر من خمس دقائق.
على أيِّ حال، لم يكن منزلي بأفضل حال من هذه الغرفة. اعتدت دبيب الفقر فوق وجوه بغداد، والأيتام المشرَّدين في الشوارع، ومئات الآلاف من النساء اللواتي فقدن أزواجهن في الحروب، والجهاد، والانفجارات. أو بكل بساطة، خرج الزوج ذات يوم ولم يعد. ويُقال إن الكثيرين منهم تزوجوا بنساء أخريات بعيدا عن المدن التي يسكنون فيها، ليهربوا من أعباء الزوجة والأطفال. ولاشكَّ أن هذه المرأة المستلقية إلى جانبي لديها أكثر من خمسة أطفال لتعيلهم مساءً.
– ” وأنتِ هل ستخلعين ثيابك؟”، سألتها وفكري ما زال منشغلاً بمعرفة ما إذا كان زوجها قد تخلَّى عنها أو قُتل في انفجار انتحاري.
– ” اقترب مني، سأمنحك متعتك في كلِّ الأحوال”.
قالت هذا ومدَّت يدها وأدخلتها تحت سروالي الداخلي. ثم نزعت عني السروال، وأعطتني واقياً لأضعه فوق القضيب.
لم أكن لأهتمَّ بوضعه لولا أنها ستمتنع عن ممارسة الجنس إذا لم أفعل. وهل سأخاف من الايدز أيضاً؟ لقد بات بالنسبة إليَّ رحمة لا أستحقها، مقارنة بما يحصل من حولي، والحياة الساقطة التي أعيشها. فحتى الدنانير القليلة التي دفعتها من أجل المتعة، استدنتها من رجل ميت.
كان الانفجار قريباً جداً في المرة الأخيرة. بضع مئات من الأمتار. ركضت سريعاً باتجاه النار التي تطاير شررها بلحظة، وصبغت الأبنية والسيارات والجثث المتناثرة في المكان. هُرع المئات مثلي للمساعدة. بين الدخان والانقاض، صادفت أول جثة مقطَّعة. كنت أحاول تجاوزها حين لمحت يداً مقطوعة تمسك بضع ورقات مالية.
” سأردُّها لك في الجنة”، قلت لصاحبها من دون أن أعرف أين هي بقاياه، وأنا أستلها من بين الأصابع وأضعها في جيبي.
في اليوم التالي كان عليَّ أن أفرغ احتقاني الجنسي، وأيَّ احتقان آخر تختزنه ضلوعي من نفايات حياة سقيمة.
كنت أضع الواقي حين خلعَت سروالها الداخلي وأبقت على قميصها.
_ ” أدخله الآن. لقد بات جاهزاً كما أرى. هل تريدني أن أكون من فوق “.
_ ” حسناً”، أجبتها وأنا أتمدَّد على ظهري.
كانت تمارس دورها بسرعة وحرفيَّة. صعدت فوقي وبدأت تقوم بحركة مدٍّ وجزر وهي منحنية قليلاً صوبي، وتضع يديها فوق صدري.
قادتني شدَّتها وطاقة حركة جسدها، سريعاً إلى نشوتي. شعرت بالحرارة تسقط من رأسي إلى حوضي، وبنار اللذة تقترب من الانفجار. لحظات توقُّع رهيبة قبل أن ابدأ بالقذف، وأنا أغمض عينيَّ لأضاعف المتعة.
لحظة القذف الأولى، إنهمر الرصاص كالصاعقة في أرجاء البيت. لم أكد أفتح عينيَّ على وقع الصدمة، حين قفز باب الغرفة من مكانه، وعبق أزيز الرصاص في الغرفة.
سقط جسدها الممزَّق فوقي، ليشكِّل سياجاً واقياً لي. عبرت بضع رصاصات أماكن غير قاتلة في جسدي. ثم هدأ كلُّ شيء فجأة. ركض المسلحون هاربين من المكان بأسرع ما يمكن. وحين تيقَّنتُ من خلو البيت منهم، أزحت الجسد النازف عني، وسحبت قضيبي الذي كان ما يزال منتصباً، وبدأت بارتداء ثيابي.
خمس نساء قتلن في المجزرة، وربما خلَّفن أكثر من عشرين طفلاً ستلتهمهم الأزقة وخطابات الجهاديين.
حتى ممارسة الجنس قد تكون قاتلة في بغداد!
حتى اللذَّات الصغيرة باتت تُعدم بالرصاص !
” سأبحث عن بيت آخر”، قلت في نفسي، وأنا أستعيد الدنانير من جيب المرأة التي كانت تمتِّعني.
” وهل لديَّ شيء آخر لأفعله؟”.
( مهداة إلى الشهيدات والشهداء الذين قتلوا في هجوم مسلح على بيت للدعارة في منطقة زيونة شرق بغداد في 21 ايار 2013 )
اقرأ للكاتب :