جمال ابو نحل يكتب : وكالة موت وسلخ قضية اللاجئين الفلسطينيين
كان اسمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، واختصارا (الأونروا)، وهي وكالة غوث وتنمية بشرية تعمل على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد لأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في مخيمات وأماكن اللجوء الخمسة، الأردن، ولبنان، وسوريا، والضفة الغربية، وقطاع غزة، إلى أن يتم إيجاد حل لمعاناتهم.
حيثُ أَسَسّت الأمم المتحدة منظمة تسمى “هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين” بعد احتلال فلسطين، ونكبة شعبها وتشريده، وذلك في نوفمبر 1948 من أجل تقديم المعونة للاجئين الفلسطينيين وتنسيق الخدمات التي تقدم لهم من طرف المنظمات غير الحكومية وبعض منظمات الأمم المتحدة الأخرى، وبالتحديد في الثامن من شهر ديسمبر عام 1949م، وبموجب قرار أُممي صادر عن الجمعية العامة للأُمم المتحدة ويحمل رقم: ( 302)، تأسست وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لتعمل كوكالة مخصصة ومؤقتة، على أن تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات لغاية إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وقد بدأت الأونروا عملياتها فعلياً يوم الأول من مايو/ أيار 1950م، وتولت مهام هيئة الإغاثة التي تم تأسيسها من قبل وتسلّمت سجلات اللاجئين الفلسطينيين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكان من أهم مهام الأونروا هو تنفيذ برامج إغاثة وتشغيل مباشرة بالتعاون مع الحكومات المحلية، والتشاور مع الحكومات المعنية بخصوص تنفيذ مشاريع الإغاثة والتشغيل والتخطيط استعدادًا للوقت الذي يستغنى فيه عن هذه الخدمات ، وأما عن مصادر تمول الأونروا من تبرعات طوعية من الدول المانحة.
وكان من أكبر الدول المانحين للأونروا الولايات المتحدة الأمريكية، والمفوضية الأوروبية والمملكة المتحدة والسويد ودول أخرى، مثل دول الخليج العربية والدول الإسكندنافية واليابان وكندا، وتغطي خدمات الأونروا للاجئين الفلسطينيين المقيمين في مناطق عملياتها الخمس. وعرفت الأونروا اللاجئ الفلسطيني بالشخص الذي كان يقيم في فلسطين خلال الفترة من أول يونيو/ حزيران 1946 حتى 15 مايو/ أيار 1948 والذي فقد بيته ومورد رزقه نتيجة حرب 1948، وعليه فإن اللاجئين الفلسطينيين الذين يحق لهم تلقي المساعدات من الأونروا هم الذين ينطبق عليهم التعريف أعلاه إضافة إلى أبنائهم، وأما عن ما الفرق بين الأونروا والمفوضية السامية، فتقتصر مسؤولية الأونروا على توفير خدمات لمجموعة واحدة من اللاجئين وهم الفلسطينيون المقيمون في مناطق عملياتها، في حين أن المفوضية السامية مسؤولة عن اللاجئين في بقية أنحاء العالم، والأونروا مكلفة بتقديم مساعدات إنسانية للاجئين الفلسطينيين، في حين أن المفوضية السامية مكلفة بتوفير حماية دولية للاجئين المشمولين بولايتها، وإيجاد حلول دائمة لمشكلتهم بمساعدة الحكومات.. لقد مضي 70 عامًا مرّ على تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”.
لكن بعد صول الرئيس الأمريكي الصهيوني ترامب لسدة حكم الولايات المتحدة، باتت تلك الخدمات مهددة بالتوقف، والهدف منها هو شطب حق العودة، وسحب الاعتراف بهم من قبل الإدارة الأمريكية، وهذا ما تكلمت به المندوبة الأمريكية تلك الخنزيرة “نيكي هيلي”، علناً قبل أيام في أروقة مجلس الأمن وقالت أن أمريكا لن تعترف إلا ب: 400 ألف لاجئ من أصل ما يقارب 6 مليون لاجئ، وقالت أنها سوف توقف تمويلها للأونروا.
ومساء يوم الجمعة تكتمل خيوط المؤامرة، حيثُ أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، بشكل رسمي، أنها لن تمول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعد اليوم!. والواضح أن المؤامرة لشطب حق العودة وإنهاء الشاهد الدولي علي جريمة اللجوء (الوكالة)، تشترك فيها وكالة الأونروا نفسها حيث بدأت منذ أكثر من عقد، بتقليص خدماتها رويداً رويداً، متحججة بالعجز المالي الذي يضرب خزينتها، وعدم توفر السيولة المالية، وكأن ذلك يتماهى مع الولايات المتحدة الأميركية التي قلصت مساهمتها في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بنحو 125 مليون دولار.
وشهدت خدمات “أونروا”، خلال السنوات القليلة الماضية، تقليصا ملحوظًا، خاصة في برنامج المساعدات الغذائية بقطاع غزة، الأمر الذي أثر على الأوضاع المعيشية (المتدهورة أصلا) للمستفيدين من البرنامج، وصولاً لوقف كامل للوكالة ولمساعداتها، تنفيذاً لتهديدات الرئيس الأميركي العاهر ترمب، المتصهين، حيثُ ما يقوم به يتماش مع صلف وغرور اليمين المتطرف في دولة الاحتلال بزعامة المجرم نتنياهو، والذي دعا علناً لوقف تمويل وكالة الغوث الأونروا، علي أن يتم هذا الخفض والتقليص بالميزانيات بشكل تدريجي، وصولاً لإنهاء عمل الوكالة وقطع المساعدات المالية عن الفلسطينيين، لإغلاق وازاحة ملف حق العودة، والتعويض، كما تم ازاحة ملف القدس من قبل الادارة الأمريكية، وفي الماضي دعت دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى إغلاق الوكالة “أونروا”، وفي حزيران / يونيو، قال نتنياهو إن “الأونروا تديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ولا تحلها، ومن ثم يجب تفكيكها واندماجها في هيئات الامم المتحدة الأخرى، وأنه دعا المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، إلى إعادة النظر في وجود الوكالة، لأنهم يريدون شطب حق العودة للاجئين، وهو الحق الذي يعتبر لُب وقلب القضية الفلسطينية، ولازال ذلك المأفون ترمب يمسك القلم ظناً منه أنه بجرة قلمهِ ممكن أن يشطب حق العودة، والقدس، ونقول له، ولكيان الاحتلال، أن الشعب الفلسطيني ومعهُ كل الأحرار والشرفاء في العالم باقون علي العهد، وقاعدون، ومرابطون في أرض الرباط، ولحق العودة غير ناسين، وعن القدس والأقصى مدافعون مجاهدون،، ولسان حالهم جميعاً يقولون للبيت الأسود وترمب، إنك، وكل أمريكا من خلفكم لا تملك الحق بشطب حق العودة، والتعويض للاجئين الفلسطينيين، علي الرغم من كل ما يجري من محاولات مستمرة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وقطع المساعدات الامريكية عنها، فلن يفلح ذلك في وقف كفاح، ونضال الشعب الفلسطيني، وسيبقي الصراع ممتداً ما بقي الليل والنهار، حتي انهيار واندثار كيان الاحتلال وسقوطه المدوي قريباَ.
الكاتب الصحفي الباحث والمحلل السياسي والمفكر العربي والإسلامي
الأستاذ الدكتور: جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
المفوض السياسي والوطني والأستاذ الجامعي غير المتفرغ
اقرأ للكاتب
جمال ابو نحل يكتب : سّنعُود لفلسطين “غزة تُدافعُ عن الأُمة”