نانسى فتوح تكتب : اسقوا زرعكم ولا تحوجوه لماء الآخرين ..

“وأفضل الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته”

السر في تلك الجملة ليست في اللقمة .. بل في طريقة تقديمها ..

حرص إسلامنا أن يجعل لكل شأن من شؤون الحياة طقساً من الحب، فاجتماع رجل وزوجته على مائدة ليس اجتماع خروف ونعجة أمام معلف يعبّ كل واحد منهم ما يملأ بطنه ثم ينفض الجمع.

 هذه الحركة اللطيفة تحولنا من كائنات مقتاتة إلى كائنات محبة، وتحول الطعام من غذاء للمعدة إلى غذاء للقلب والروح.

جوع المعدة أمره يسير، يسده رغيف، ويسكنه صحن أرز مهما تأخر.

أما جوع الأحاسيس والمشاعر فقاتل إن لم يقدم في وقته ..

وأكثر أنواع البخل إيذاءً ليس الذي يتعلق بالمال وإنما الذي يتعلق  بالاهتمام والاحتواء.. فالفقر الحقيقي ليس في الجيب وإنما في القلب.

ومايهمنا ليس قلة ذات اليد، بل فقر الأحاسيس وقلة ذات القلب.

هذه الأشياء الصغيرة التي لا تكلف درهما ولا دينارا هي التي تجعل الحياة رغم قسوتها جنة .. فعندما نغدق الحب على من حولنا نحصنهم جيدا من الوقوع في أفخاخ اللطف العابر الذي يقدمه الآخرون.

إننا نعيش جفافاً عاطفياً يجعل منا جميعاً فرائس سهلة أمام أولئك الذين يجيدون الاصطياد في الماء العكر..!

ويفسّر كل كلمة عابرة على أنها رسالة حب!

فصارت المرأة تسمع صباح الخير كأنها: أنا أحبكِ !

وتسمع كيف حالك على أنها: لقد اشتقت إليكِ!

وتسمع كم عمرك على أنها: أنتِ في سن مناسب للزواج أيتها الجميلة!

ونحن نتحمل مسؤولية كل هذا!

إن أقسى ما نواجه اليوم ليس البطالة في الأعمال وإنما البطالة في الأحاسيس .. وليس ارتفاع أسعار الطعام في المطاعم ولكن انخفاض سعر الحب على موائدنا ..

وليس ندرة الورود، ولكن ندرة الذين يقدمونها.. وليس ندرة الأرصفة قرب البحر بل ندرة الأزواج الذين يمشون هناك كمحبين ..

فالكلمة الطيبة صدقة لأنها تقرب القلوب وتذهب الحزن وتشعر الشخص الآخر بمقدار أهميته وأنه دائما في دائرة حياتك، فالرجل الذي يجعل امرأته مستودع أسراره ويخبرها عن كل طموحاته المستقبلية في العمل والحياة ويراعي حالتها النفسية يجعل المرأة تحبه بجنون، فكما هو يطالب امرأته بتقدير مايبذله من أجلها ففي المقابل فإن المرأة دائما ما تحتاج زوجها أن يراعي حالتها النفسية وتحتاج إلى من يقدر ويعطي ويراعيها ولا يقسو عليها.

العلاقات تجف من قلة الاهتمام كما يجف الزرع من قلة الماء.. والأنثى كالوردة، إن سقيتها بالاهتمام والمحبة .. عطّرت لك المكان بفتنةٍ وبعثت بداخلك البهجة والفرح ، وإن لم تسقها ذبلت وأفقدتك تلك البهجة .

فاسقوا زرعكم ولا تحوجوه لماء الآخرين ..

اقرأ للكاتبة

نانسى فتوح تكتب : تحية وشرف لملائكة الرحمة ..

شكرا للتعليق على الموضوع