يوميات دينا ابو الوفا … عارفين
وقفت تنتحب بحرقة ، تصرخ بعلو صوتها ، تلطم وجهها ، تركض يميناً وشمالاً بحثاً عمن ينجدها …
عمن يمد لها يد العون .. عمن يضع حداً لتلك الكارثة وينهيها ….
كان منزلها الجميل ذو الطابقين والحديقة الخضراء المزهرة، الذى اشترته مؤخراً وتكبدت العناء من اجل الحصول عليه يغرق !!
نعم يغرق …. فقد تسربت اليه المياه من كل اتجاه وطالت كل شبر داخله … كل مقتنياتها الثمينة وآثاثها الأنيق الذى قامت بتجميع كل قطعة فيه على مدى السنوات الطويلة الماضية يغرق …
فطاف السجاد الأنيق فوق سطح الماء ، وغرقت المفروشات تدريجياً كلما علا منسوب المياه ،،،
وابتلت الجدران البيضاء … من أين فاضت كل تلك المياه لا تدرى !!!
ظلت تصرخ وتصرخ وتصرخ …. “حد يساعدنى …. حد يساعدنى … بيتى بيغرق …. كله بيروح …. كله بيضيع “
وقف يشاهدها من بعيد ببرود شديد ، اقرب الناس اليها من أهل وأصدقاء …الا انهم لم يتحركوا شبراً واحداً ولم يخطوا خطوة واحدة تجاهها …
بل ظلوا يراقبون المشهد وكأن شيئا لم يكن ….
كُل تشغله أموره وتلهيه أولوياته ، فانصرف عنها وأدار ظهره …. كأنها وحدها من تقف شاهدة على تلك المأساة …. اًو ربما ادركوا المأساة ولم يبالوا كثيراً …. لا تدرى بالظبط …
شخص واحد فقط كان يراقبها من داخل حجرة زجاجية …. يرى بعينيها وينبض قلبه بنبضات قلبها المتسارعة ويبكى حالها كأنه حاله وتعتصر روحه لانهزام روحها ….
حتى أن عينيها التقت بعينيه ، فوجدت دموعه الحانية الصامتة تتساقط على وجهه البشوش الملائكى…..
انها تعرف هذا الوجه حق المعرفة ، انه والدها !!!ماذا أتى به هنا … كيف حضر اليها !؟ لقد رحل عن الحياة الدنيا منذ اكثر من عشرين عاماً …. فكيف عاد !؟
انتفض جسدها الصغير فى فراشها فجأة … فلم يكن سوى كابوس …. لا.. لا لقد رأت والدها الحبيب اخيراً فكيف يكون كبوساً !؟
مدت يدها فى ظلمة الغرفة ، تتحسس الطاولة بجانبها حتى تمكنت من التقاط هاتفها …
تحققت من الوقت ، فكانت الساعة لا تزال الثانية صباحاً !!!! اغلقت عينيها على صورة والدها كى تأنس بطيفه مرة اخرى وتغفو بين احضانه ….
اقرأ للكاتبة
يوميات دينا ابو الوفا … عارفين