يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

استيقظت متأخراً على غير عادتها… كان صوت آذان الظهر واضحاً جلياً داخل حجرتها …. فقد اخترق النافذة المغلقة والستائر المسدولة مباشرة الى مسامعها …

افاقت وقد افتقدت كل رغبة فى القيام من فراشها … حتى انها ترددت كثيراً قبل ان تفتح حتى عينيها …. فلو فتحت عيناها الان … ماذا عساها ترى !؟ ….سوف ترى نفس المشهد اليومى المتكرر ، نفس الحجرة ، نفس الجدران الأربعة ، نفس الأثاث ، ولكن اهم من اى شئ اخر سيتحتم عليها ان تواجه نفس الحياة ونفس الأشخاص ونفس الأعباء والأثقال والحمول والقيود … سيتحتم عليها فى نهاية الامر ان تلتقط احد الأقنعة المرصوصة هناك بجانب مرآتها لترتديها قبل ان تخرج الى العالم الخارجي و تواجهه….

فوجهها الحقيقى لا يرضى أحداً ولا يبتغيه أحداً …. الكل يريدها ضحوكة بشوشة بسيطة مطيعة وراضية …. الكل يريدها غير شاكية ، غير متألمة …غير غاضبة اما ذلك الوجه الحزين التاعس والصوت الغاضب المختنق والروح الثائرة المتمردة والقلب المتوجع المتجهم…. لا لا يريدهم احد ..

حتى انها وان اخطأت مرة وأطلت بوجهها الحقيقى رآها الجميع بقلب قاس متحجر ، وعقل موصد متخلف انها امرأة تعشق دور الضحية !!!

فلما تتكبد العناء …. فلترتدى آلاف الأقنعة اسهل بكثير من ان تقف امام محكمتهم الموقرة لتدافع عن نفسها وتبرأ ساحتها

اسهل بكثير من ان تستجدى عطفاً ورحمة ممن نصبوا أنفسهم قضاة عليها !!!!

اسهل من ان تطالبهم بالرحمة والعدل فى امرها …

اسهل من ان يصدر الحكم عليها بالسجن المؤبد داخل صمتها وكتمانها …. اسهل بكثير من ان تعود لتستأنف وتطرح قضيتها مرة اخرى دون جدوى

فلتكن الأقنعة إذن ….. فلتحيا الأقنعة ….

فليكن ما يكون …. فليكن الاداء التمثيلي للجميع ولتكن نفسها لنفسها ….

ربما كان هذا سبباً رئيسياً وراء رغبتها الدائمة فى فى قضاء الوقت وحدها ، بين موسيقاها وقلمها …. تحدث نفسها وتحاورها … تطبطب على كتفها وتحتضن ذاتها …. لهذا السبب قل المقربون اليها …. وندر من تسقط أمامهم الأقنعة البهلوانية الساذجة

بتلك الخاطرة الزاحفة داخلها ، استلقت وقد صعب عليها تحريك جزء من جسدها …. حتى أصابعها كسلت ان تحركهم …. واتخذت قرارها ستبقى اليوم مع نفسها … فليبتعد العالم عنها اليوم ويتركها لحالها … فقد اضناها فوق طاقتها …

ظلت تحت غطاءها كالجثة الهامدة … ولما “هكذا” ولما التشبيه …. اليست حقاً جثة هامدة !!!!

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

  اقرأ للكاتبة

يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

شكرا للتعليق على الموضوع