تقرير البعثة الدولية بعد مرور يومين من الاقتراع

القاهرة – التلغراف : تشهد مصر حالياً واحدة من أهم الاستحقاقات الانتخابية والمتمثلة في التعديلات الدستورية التي تأتي في إطار موافقة البرلمان المصري بالأغلبية على مقترح التعديل الذي تم عرضه ومناقشته داخل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية داخل البرلمان وفقاً للمادة 226 من الدستور الحالي، وبعد سلسلة من جلسات الحوار المجتمعي التي نظمها البرلمان للاستماع إلى آراء ورؤى منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وأساتذة القانون والشخصيات العامة والنقابية وغيرهم، من أجل الخروج بصياغة توافقية للدستور قبل عرضه من جديد للمناقشة خلال جلسة عامة بصيغته النهائية، والتي تم الموافقة عليها في ابريل الجاري بواقع موافقة 531 نائباً مقابل 22 نائباً رفضوا التعديل، فيما أمتنع نائباً واحداً عن التصويت.

في البداية، تشيد البعثة الدولية بالعودة لرأي المواطنين والناخبين وإشراكهم في هذا المسار السياسي الهام، وتؤكد على أهمية وجود الهيئة الوطنية للانتخابات المعنية بمتابعة سير كافة الاستحقاقات الانتخابية والاستفتاءات، والتي تختص دون غيرها بإدارتها بشكل كامل ومستقل، بدءً من إعداد قاعدة بيانات الناخبين واقتراح تقسيم الدوائر الانتخابية وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة. كما لاحظَ أعضاء البعثة إجراءات التأمين الجيدة من قبل رجال الجيش والشرطة لضمان هدوء عملية التصويت.

وتذكر البعثة الدولية لمتابعة الاستفتاء أنها تشارك بمتابعة الاستفتاء من خلال وفد قوامه 69 عضو، ينتشرون في 14 محافظة مصرية، حيث يضم التحالف 4 منظمات “دولية ومحلية من ثلاث قارات وهي منظمات إيكو” من اليونان، ومنتدى جالس من أوغندا، ومنظمة متطوعون بلا حدود من لبنان، بالإضافة لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان من مصر. وفي إطار الجولات الميدانية التي قام بها المتابعون الدوليون على مدار يومين منذ بدء عملية الاقتراع يوم السبت 20 ابريل الجاري، وزيارة الكثير من اللجان الانتخابية في الأربعة عشرة محافظة، فقد لاحظ المتابعون مجموعة من الممارسات المخالفة للمعايير الدولية، يمكن تناول أبرزها كالتالي:

غياب سرية الاقتراع في بعض اللجان الانتخابية، حيث لاحظ الوفد دخول عدد من المواطنين بهواتفهم المحمولة، وقاموا بتصوير بطاقات الاقتراع بعد تصويتهم، ليقوموا لاحقاً بنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ورصدت البعثة بعض الحالات لوجود”ساتر معكوس″ داخل اللجان بما يحول دون توفير مبدأ سرية التصويت.

هذا وتم رصد بعض الوقائع على سبيل المثال ما حدث في: “لجنة مدرسة المنار الاسلامية للغات بالعجوزة، ولجنة مدرسة الثانوية الفندقية بالشيخ زايد”.

انتشار ظاهرة خرق الصمت الانتخابي أمام بعض المقار الانتخابية في المحافظات، حيث تم ملاحظة انتشار السيارات التي تحمل مكبرات صوتية وتجوب الشوارع لدعوة المواطنين للمشاركة في الاستفتاء، فضلاً عن تنظيم الاحتفالات الصاخبة أمام مقار الاقتراع ما يخشى أن يُعيق عملية التصويت. كما تم رصد حالات لمديري المصانع والشركات وموظفين حكوميين، يحشدون موظفيهم في مسيرات والتوجه بشكل جماعي للجان الاقتراع، ورصدنا كذلك توفير أحزاب ورجال أعمال حافلات لنقل المواطنين إلى لجان الاقتراع بالمجان، وتصدر حزبي مستقبل وطن، والنور المشهد في حث المواطنين على المشاركة. كما تم رصد مظاهر الاعتراض والدعوة للتصويت بـ”لا” أمام عدة لجان، وهي أمور تعد في مٌجملها خرق واضح للمعايير الدولية والقوانين الوطنية المنظمة للعملية الانتخابية.

ولفت انتباه البعثة انتشار ظاهرة توزيع السلع الغذائية والتموينية على المواطنين بالقرب من مقار الانتخاب لحثهم على المشاركة والتصويت، وتم رصد بعض الوقائع، على سبيل المثال يتواجد عدد من الأشخاص أمام مدرسة الملك الصالح الثانوية بنين- بمصر القديمة محافظة القاهرة لتوزيع السلع الغذائية شرط التصويت وتواجد آثار الحبر الفوسفوري على أصابعهم، وتكرر الأمر في المقطم، وفي الأقصر قام حزب مستقبل وطن بتوزيع “كراتين” بها سلع ومواد غذائية في مدينة إسنا، بما يؤثر على سلامة عملية التصويت والتأثير على خيارات الناخبين.

وقد واجه بعض أعضاء البعثة صعوبات في محافظة الإسكندرية، تتمثل في رفض قوات التأمين دخولهم لجنة حي الجمرك أرقام 18-19، ومن ثم غادر الوفد دون دخول اللجنة. وتم التواصل مع الهيئة وتقديم شكوى، والتي قام المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة بسرعة البت فيها، وتم التواصل مع الجهات المعنية، وتم تيسير سُبل وصولهم لمقار الاقتراع التي تم منعهم من دخولها.

وأرجعت البعثة أسباب هذه الممارسات الخاطئة للعملية الانتخابية إلى ضعف الثقافة والتوعية الانتخابية. وفي هذا الإطار تدعو البعثة الدولية، الهيئة الوطنية للانتخابات إلى ضرورة تنفيذ وتكثيف الدورات والجلسات التدريبية لكلٍ من المواطنين والأحزاب السياسية والموظفين على حد سواء بما يضمن إجراء الاستحقاقات الانتخابية وفقاً لأعلى معايير حرية ونزاهة وديمقراطية الانتخابات.

شكرا للتعليق على الموضوع