يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

اعتدت كل رمضان ، ان اختار من لائحة المسلسلات الطويلة العريضة ، عدة مسلسلات لأتابعها بانتظام … الا هذا العام … ربما عاد ذلك الى سبب رئيسى وهو انى عزمت على اغتنام فرصة هذا الشهر الكريم لاتقرب الى الله قدر استطاعتى وتكون مواظبتى على العبادات من أولوياتى لعلى أحظى بالرحمة والمغفرة والعتق من النار …

وعليه فقد اخترت مسلسلاً واحداً فقط لأتابعه وانا أتناول وجبة السحور … فوقت الطعام وقت ضائع …

ووقع اختيارى من بين المسلسلات ، على مسلسل “زى الشمس” دون غيره ، لأمران أولهما انى احب تمثيل وأداء “دينا الشربينى ” للغاية وأراها موهوبة وبشدة …. والأمر الثانى هو عنوان المسلسل …. فقد ذكرنى بعبارة نرددها كثيراً فى حياتنا اليومية ” الموضوع واضح وباين زى الشمس ، الحقيقة باينة زى الشمس “

وعلى الرغم من ان عادة ما تكون أغلب الامور فى حياتنا واضحة وضوح الشمس الا اننا نختار الا نراها ، ان نغض البصر عنها ، ان نرتدى تلك النظارة السوداء التى تحجب عنا الرؤية ، نختار ان نكذب أعيننا ، ان نغالط شعورنا وإحساسنا ، نختار ان نجد الف عذر وعذر ، الف احتمال واحتمال سوى ذلك الاحتمال الوحيد الذى يسطع أمامنا زى الشمس !!!!

ولهذا جذبنى الاسم ، وتملكنى الفضول كى اعرف ما هو ذلك الشئ الذى بدا واضحاً “زى الشمس” فى المسلسل ولمن وعلى الرغم من ذلك وقع فى المحذور وتغاضى عّن رؤيته !!!

وأخمد فضولى احداث المسلسل فأشياء كثيرة كانت واضحة وضوح الشمس للعديد من ابطال المسلسل ومع ذلك وقعوا فى المحذور وتجاهلوا حقائق واضحة لا مجال للتشكيك فيها ….

بدء من الام “سوسن بدر” التى كان من الواضح تأثير زيجاتها المتكررة السلبى على بناتها وعلى الرغم من ذلك ، غضت البصر عما هو واضح “زى الشمس″…

فاستمرت فى تكرار الخطأ مرة تلو أخرى دون مبالاة…

وكان من الواضح ايضاً تفضيلها لفريدة ابنتها الكبرى على “نور” ابنتها الصغرى ومع ذلك استمرت فى هذه التفرقة وتغاضت عن إيذائها لمشاعر “نور” وانحيازها لفريدة الذى صار واضحاً “زى الشمس”

مروراً بفريدة ، الفتاة الطائشة المندفعة المتهورة ، التى بدا واضحاً وضوح الشمس ان نمط حياتها وشخصيتها كلفاها الكثير والكثير حتى انها فقدت علاقتها بأختها الصغيرة ، ودفعت بالأخير حياتها ثمناً غالياً لحمقاتها ، الا انها لم تمتنع اًو تتراجع للحظة عما بدا واضحاً “زى الشمس”

مروراً بعمر ، ذلك الرجل الذى ظل ينفث سماً طوال الحلقات … واتسم بشخصية حقيرة بدرجة كبيرة …

الا ان اضراره بكل من حوله وتدميره لحياتهم واستهانته بمشاعرهم الذي بدا واضحاً زى الشمس لم يمنعه من الاستمرار فى منهجه…

ثم “مصطفى” ذلك الشاب الشهم النبيل الذى بدا واضحاً له “زى الشمس” ، انعدام مشاعر الحب من نور تجاهه ، الا انه استمر فى مساعدتها ومساندتها والوقوف بجانبها … كان قراراً بأن يحب دون ان ينتظر ان تبادله الحب … وقراراً بالتواجد فى حياتها تحت اى مسمى حتى وان اعتبرته صديقاً وأخاً لها .. كان قراراً بالتغاضي عن حب من طرف واحد برغم ما يسببه من ألم وحيرة وتخبط …

وأخيراً وليس آخراً “نور ” ….. التى بدا لها حب مصطفى واضحاً زى الشمس ومع ذلك تجاهلته وفرضت على تلك العلاقة ان تأخد اطار الصداقة والأخوة حتى وان أوجعت مصطفى …

وبدت شخصية “عمر” السامة و اكاذيبه اللانهائية وحيله الشيطانية واضحة “زى الشمس ” ، بدء من اختياره لخيانتها مع اختها بدم بارد ، وزواجه منها تاركاً نور كالطير المذبوح … مروراً بطلاقه من فريدة والذى أدى الى تفاقم المشاكل بينهما بسبب قضية حضانة أولاده ، مروراً بعودته لإقامة علاقة معها دون زواج ، على الرغم من ارتباطه رسمياً بفتاة أخرى…

ثم كل تلك الأكاذيب التى توالت واحدة بعد الاخرى ، والتى ظل يستدرج بها ” نور” ، فى محاولة خبيثة لاستعادتها وكسبها فى صفه مرة اخرى …

كان ثعباناً يلتف ببطء حول عنق فريسته وعلى الرغم من ان كل هذا بدا واضحاً لنور “زى الشمس” الا انها اختارت ان تشكك فى تحليل العقل والمنطق كل مرة وهى تلك المحامية المحنكة… اختارت ان تجد الحجج والمبررات فى كل مرة … اختارت ان تصدقه وتكذب نفسها … اختارت ان تستدعى كل مشاعر الحب بداخلها تجاهه …

وعلى الرغم من تعدد المشاهد المحورية التى أدتها “دينا الشربينى” بحرفية ومهارة واتقان ، الا ان مشهداً بعينه ملأ عيناى دموعاً ، وأوشكت أنفاسى ان تنقطع … عشت معها هذا المشهد بكامل كيانى وحواسى …

نظرت الى نفسها فى المرآة وصرخت فى وجه نفسها وقالت بصوت ملؤه الغضب والسخط…

“انت غبية … حمارة … مبتتعلميش … كل مرة بتقعى فى نفس الغلط … غبية … غبية ….

كل مرة تقنعى نفسك انه بيحبك وتصدقى نفسك … تكدبى الكدبة وتصدقيها … بتصدقيه وتصدقيها لانك غبية … ” ثم استكملت تأنيبها وجلدها لذاتها بعبارة قاتلة وجهتها لربها … كانت بمثابة دعوة ورجاء … كانت استجداء لربها ، قالتها وهى تبكى ضعفاً واستسلاماً ” يا رب انا تعبانه … مش قادرة خلاص …. موجوعة اوى … خرجوا من جوايه … طلعوا من قلبى يا رب”

وهنا ادركت أخيراً الإجابة عن سؤال ظل يحيرنى طوال المسلسل ، حتى انه كان يحيرنى فى الحياة الى يومى هذا … لماذا نختار فى أحيان كثيرة ، الا نرى الحقائق الواضحة أمامنا “زى الشمس “

لماذا !؟ لانه وببساطة شديدة ، يكون الألم الناجم عن الاعتراف بالحقيقة أعمق وأشد بكثير من الألم الذى نتحمله ونحن نعيش الأكاذيب …

فمواجهة الأكاذيب أهون بكثير من مواجهة الحقيقة …

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

اقرا للكاتبة

يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

شكرا للتعليق على الموضوع