عبير نافع تكتب: قبس من ذكرياتي
أتذكر عندما كنت صغيرة، إنه كان لا يعنيني أي شيء سوى اللعب والمرح والجري والقفز والانطلاق، وأيضاً ممارسة الألعاب الرياضية التي أحبها مثل السباحة، لكن دون تقييد أو التزام، وكنت كثيرة الحركة، لذا عشقت رقص الباليه إلا إنه لم تسنح لي فرصة تعلم هذا اللون من الفنون، لكن يكفي إن تأثرت بحركات راقصة الباليه في أوبريت بحيرة البجع التي كنت أشاهدها دائماً في التلفاز، فأخذت أقلدها دون كلل بخفة ورشاقة.
لم أكن مثل الكثير من البنات، أحب الثرثرة والدردشة، كنت قليلة الكلام، ربما قد يعزو ذلك إلى مشكلة ضعف السمع الذي أعاني منه منذ الطفولة، لكن حباني الله بنعمة أخرى، وهي الخيال الواسع وقوة الملاحظة، وسأضرب مثلاً لتلك النعمة، وذلك من خلال مجال الدراسة أيام المدرسة، وخاصة في مادتي الفيزياء وعلم الأحياء، عندما لا يسعفني الوقت في الحفظ والاستذكار، كنت أنظر نظرة سريعة فاحصة على رسومات هذه العلوم، ثم أغمض عيني وأتخيل الهواء كالورقة ماثلة أمامي ويدي كالقلم، ثم أنقش على الهواء الرسومات بالكلمات الموضحة لأجزائها وتفاصيلها، ثم أعود إلى الكتاب لأجد كل ما رسمته في خيالي مطابقاً تمام التطابق لهذه الرسومات دون أي أخطاء تُذكَر.
كذلك، عندما أخذنا مادة الهندسة الفراغية، أفهمونا إنها مادة عصية على الفهم والاستيعاب إلا إني أحببتها أكثر من التخصصات الأخرى في مجال الرياضيات، لإنها مبنية على التوسع في الخيال في منظور الفراغ ثلاثي الأبعاد، بخلاف التخصصات الأخرى بمعادلاتها التي تبدو صماء مجردة من الحياة.
إذن كل ما ذكرته يعد فقط، غيض من فيض، والذي أخرجته من أرشيف ذكرياتي المحفوظ في سرداب ذاكرة عقلي.
اقرأ للكاتبة