لَيْلَةُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانْ “قِصَّةٌ قَصِيرةْ”
تاليف الشاعر والروائي المصري: محسن عبد المعطي
رَابِحُ طِفْلٌ صَغِيرٌ يَتَّسِمُ بِالشَّقَاوَةِ وَخِفَّةِ الدَّمْ
كَانَ رَابِحُ يَرْقُبُ جَدَّهُ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى الْمَسْجِدْ وَيُنَادِي:”جَدِّي جَدِّي”
ـ إِلَى أَيْنَ يَا حَبِيبِي؟!!!!
ـ إِلَى الْمَسْجِدْ
ـ لِمَاذَا يَا وَلَدِي؟!!!
لِنُصَلِّيَ الْجَمَاعَةْ
أَلَا تَدْرِي أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةْ؟!!!
ذَاتَ لَيْلَةٍ-وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانْ- اِجْتَمَعَتِ الْعَائِلَةُ عَلَى السَّحُورْ وَكَانَ سَحُوراً شَهِيًّا يَحْتَوِي عَلَى اللَّحْمِ وَالْحِسَاءِ و{الْفَتَّةْ}.
وَشَارَكَهُمْ رَابِحُ السَّحُورَ وَرَاقَبَهُمْ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ وَعَرَفَ أَنَّهُمْ يَنْوُونَ صِيَامَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانْ شَهْرِ الْفَرْحَةِ بِطَاعَةِ اللَّهْ .
قَالَ رَابِحُ-فِي نَفْسِهِ-:”لَسْتُ أَقَلَّ مِنْهُمْ حُبًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَحُبًّا لِطَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ الشّهْرَ كَامِلاً.
وَبَدَأَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانْ وَرَافَقَ رَابِحُ جَدَّهُ فِي الذِّهَابِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرْ وَعَادَ مِنَ الْمَسْجِدْ وَقَرأَ جُزْءاً مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ نَامَ وَقَلْبُهُ يَنْبِضُ وَجَوَارِحُهُ تَنْطِقُ بِطَاعَةِ اللَّهْ .
اِسْتَيْقَظَ رَابِحُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الضُّحَى .
وَنَادَتْهُ أُمُّهْ:”هَيَّا يَا حَبِيبَ قَلْبِي لَقَدْ أَعْدَدْتُ لَكَ مَا لَذَّ وَطَابَ لِتُفْطِرَ إِفْطَاراً شَهِيًّا”
فَقَالَ رَابِحْ: اِنْتَظِرِي يَا أُمِّي فَشَهِيَّتِي لَيْسَتْ مَفْتُوحَةً لِلطَّعَامْ وَانْتَظَرَتْ أُمُّهُ حَتَّى أَذَّنَ الظُّهْرُ وَذَهَبَ رَابِحُ إِلَى الْمَسْجِدْ وَصَلَّى الظُّهْرَ فِي جَمَاعَةْ وَمَا أَحْلَاهَا طَاعَةْ!!! وَوَجَدَ بَعْضَ الْمُصَلِّينَ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ فِي حَلَقَةٍ فِي الْمَسْجِدْ فَشَارَكَهُمْ رَابِحُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنْ وَعَلَّمَهُمْ أَحَدُ الشُّيُوخِ أُصُولَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَتَجْوِيدِهْ .
وَعِنْدَمَا انْتَهَتِ الْحَلَقَةُ عَادَ رَابِحُ إِلَى الْبَيْتْ وَشَعَرَ بِالْجُوعِ الشَّدِيدْ وَأَخَذَ يَبْكِي مِنْ شِدَّةِ الْجُوعْ فَتَحَايَلَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ لِيُقْنِعُوهُ بِالْإِفْطَارِ أَثْنَاءَ النَّهَارْ بِحُجَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ بَعْدْ .
وَلَكِنَّ رَابِحَ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُمْ وَعِنْدَمَا أَلَحَّتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ قَالَ لَهَا رَابِحْ: سَاعِدِينِي عَلَى طَاعَةِ اللَّهْ .
فَتَرَكَتْهُ أُمُّهُ لِحَالِهْ يُقَاوِمُ الْجُوعَ بِالصَّلَاةِ تَارَةْ وَبِذِكْرِ اللَّهِ تَارَةً أُخْرَى حَتَّى أَذَّنَ الْمَغْرِبْ وَكَانَ رَابِحُ فِي قِمَّةِ الْفَرَحْ لِأَنَّهُ انْتَصَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى النَّاسِ وظَفَرَ بِطَاعَةِ اللَّهْ.
وَعِنْدَمَا انْتَهَى مِنَ الْإِفْطَارِ أَخَذَ يُرَدِّدُ قَوْلَهُ تَعَالَى:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(البقرة : 184) .
قَالَ الْجَدْ: نَعَمْ يَا رَابِحْ ومن أهم الفوائد الصحية للصيام:
{1} راحة الجسم و إصلاح أعطابه
{2}امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء والتي يؤدي طول مكثها إلى تحولـها لنفايات سامة.
{3}تحسين وظيفة الـهضم، والامتصاص.
{4}تستعيد أجهزة الإطراح والإفراغ نشاطها وقوتها وتتحسن وظيفتها في تنقية الجسم، مما يؤدي إلى ضبط الثوابت الحيوية في الدم وسوائل البدن. ولذا نرى الإجماع الطبي على ضرورة إجراء الفحوص الدموية والمفحوص صائماً. فإذا حصل أن عاملاً من هذه الثوابت في غير مستواه فإنه يدل على خلل ما.
{5}تحليل المواد الزائدة والترسبات المختلفة داخل الأنسجة المريضة
{6}إعادة الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن
{7}تقوية الإدراك وتوقد الذهن.
{8}تجَميل وتنظيف الجلد، يقول الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الإنسان ذلك المجهول (إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس الحيوانية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام إن سكر الكبد يتحرك ويتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد. وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة من أجل الإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب. وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183(.
اقرأ للكاتب
اَلْمَاعِزَةْ “قِصَّةٌ قَصِيرةْ”