نانسى فتوح تكتب :التحرش في دولة بلا قانون

منذ زمن ليس ببعيد عن آباءنا وأجدادنا، عندما كانوا يوصفون طباع المجتمع المصري، ويُسأل عن عاداته وتقاليده فكان الرد أن أهم ما يميزه كشعب إنه مجتمع ذات طابع شرقي، متدين بطبعه، طيب القلب، شهم بمواقفه، “جدع وابن بلد” في المواقف الصعبة، مساندًا ومساعدًا لجيرانه، متعاون ومعطاء وقت الظروف، وخدوم  وقت اللزوم..

وكانت أهم صفة بارزة ومميزة به هي صفة “الجدعنة”، أي بالمعنى الشعبي المفهوم في الأوساط الشعبية هي ترجمة لكلمة “الرجولة” و”الأخوة” التي أصبحت هذه الصفة منذ زمن تنهار مع انهيار القيم الإنسانية وعاداتنا الشرقية، التي تنفرط منا يومًا بعد يوم بسبب اللهث وراء المدنية المصدرة إلينا من الخارج، دون الرجوع إلى ما يناسبنا منها في حياتنا اليومية، ودون النظر إلى تقاليدنا وعاداتنا الشرقية العربية..

والتي تباعًا وتدريجيًا أدت إلى ما وصلنا إليه اليوم، وهو “الانحطاط” انحطاط أخلاقي وانحطاط القيم والمبادئ والثوابت..

وهذا الانحطاط هو ما أدى إلى ظهور ظاهرة جريمة التحرش الجنسي الذي نعيشه، ونعاني من تضخمه منذ فترة، زيادة عن جريمة الاغتصاب، وجرائم القتل الوحشي، وزنا المحارم، وغيرها من الجرائم التي لم يكن يعرفها المصريون أو على الأقل كانت نادرة، وإن حدثت كانوا يتندرون بها الناس..

فعندما نبحث عن سبب زيادة ظاهرة التحرش وغيرها من الجرائم الأخرى، فلا ألقى اللوم إلا على الدولة والقانون.

فإذا كان هناك حقًا تنازل عن الأخلاق، وزيادة الانحطاطً، فلا نتنصّل من سبب آخر وهو وجود تساهل في بعض تصرفات الشابات من الاندماج الملحوظ والغير مبرر في الآونة الأخير “دعاة المدنية”، وزيادة الرقص مع الشباب.

ولكن هنا يلقى المسؤولية الكاملة على القانون الذي هو كفيل أن يحكم هؤلاء الفئة من الشباب المرضى المنحط أخلاقيًا.

وأن الدولة كفيلة أن توفر الحماية لكل مواطن، سواء كان هذا المواطن هو الجاني أم المجني عليه.

فما هو العائد من القوانين التي تدرج بالأدراج ولا تُفعّل! فإن الأمن والأمان لا يحقق إلا بدولة القانون العادل والحاسم حتى لا نعيش بمجتمع وحشي، يتصور كل جاني أنه سيفلت من عقابه، فإن فُعّل القانون بشدة وبلا هوانه مراعيًا في تطبيقه الشرع والقانون، والعقل، والعرف، سيكون رادعًا وعظة لمن يساوره فكرة، أو تسول له نفسه بعمل خطأ ما سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.

وإلى مجتمعنا المصري أقول، وإلى كل أسرة، وإلى كل أم وأب وأخ، وإلى كل مسؤول بالدولة يقع عليه المسؤولية:

“كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.

فانتبهوا كثيرًا، فنحن نمر بمرحلة صعبة، حتى لا يأكل بعضنا بعضًا، ويفلت منا زمام الأمور.

فُعّلوا القانون وبشدة على كل مجرم، حتى لا نصبح دولة بلا قانون، بلا استقرار بلا أمن وبلا أمان.

نانسي فتوح

شكرا للتعليق على الموضوع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *