مصطفى جودة يكتب: أسطورة أعظم جيوش العالم أخلاقا «2-2»

أ.د: مصطفي جودة

رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة – سابقا

فى 14 من أغسطس أذاعت شبكة سى.إن .إن تقريرا عن جرائم الجيش الإسرائيلى فى السجون التى بنتها إسرائيل على عجالة خصيصا فى صحراء النقب لتكون على غرار سجن جوانتانامو لتعذيب من تعتقلهم من الفلسطينيين. قدمت البرنامج المذيعة كريستيان أمنبور مع الناشطة الإسرائيلية يولى نوفاك التى أعدت الدراسة، وخلاصتها أن المساجين الفلسطينيين الذين تقبض عليهم إسرائيل عشوائيا وبلا جريرة من الرجال والنساء يقادون معصوبى الأعين ومقيدى الأيدى الى زنازين مظلمة ثم يتعرضون للضرب المبرح والعذاب الشديد، ثم يتركون طيلة الليل دون استجابة لمطالبهم أو علاج جروحهم التى تحدث نتيجة ضربهم القاسى حتى يفقدوا الوعي، وفى الصباح ينهالون عليهم ضربا وركلا ليوقظوهم وكثير منهم يكون فى غيبوبة وبعضهم يكون قد فارق الحياة. كانت تلك السيدة تغالب دموعها وهى تقص ما تعلم وتحكى عما شاهدت.

هذه شهادة شاهد من أهلها تدل على دحض الادعاء والتزكية الذاتية الدائمين للجيش الإسرائيلي. هناك مئات الحوادث التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي لا تختلف عما ذكرته السيدة يولى نوفاك منذ السابع من أكتوبر منها على السبيل المثال لا الحصر: اقتحام مستشفى الشفاء بغزة بتاريخ 15 نوفمبر 2023، بعد حصار مرير دام بضعة أيام، وفيه شاهد العالم كله ما فعله الجنود الإسرائيليون من عبث وتدمير وقتل.

حتى الأطفال الذين كانوا يتلقون العلاج من إصاباتهم الخطيرة لم ينج من عنف الجيش والذى ظن حينها أنه سيبرهن على ادعاءاته أن حماس تستخدم المستشفى. كان منظرهم يدعو للشفقة أمام العالم كله وهم يحاولون إثبات أن هناك أنفاقا تحت الأرض لمقاتلى حماس غير أنهم لم يجدوا غير جداول الحضور والانصراف للطواقم الطبية وظلوا يشرحونها لوسائل الإعلام العالمية على أساس أنها أوامر عسكرية لحماس.

يبدو أنه بعد جريمة مستشفى الشفاء، أرادت إسرائيل البدا في تدمير كل مستشفيات غزة، فقامت في الخامس من يناير بقصف مستشفى النصر كما اعتدت على مستشفى الأمل ومقر الهلال الأحمر والمقر الدولي لجمعيات الصليب الأحمر.

1-4

 لم يقتصر الأمر على القصف والتدمير ولكنه شمل وجود بعض القناصة الإسرائيليين فى محيط مستشفى الأمل والذى كانوا يطلقون النار على الفلسطينيين الذين يجرون على غير هدى، كما أنها بدأت فى استخدام الطائرات دون طيار لتقتل عشوائيا الكثير منهم والذين يحاولون الهروب لأى مكان تجنبا لجحيم القذف بالقنابل زنة 2000 رطل والتي تستخدم لأول مرة في التاريخ. بتاريخ العاشر من يناير قامت القوات الإسرائيلية بدهس جثة رجل فلسطيني مرارا وتكرارا بعد أن أطلقت عليه النار.

بتاريخ الثاني عشر من يناير تعمدت القوات الإسرائيلية عدم وصول الإمدادات الطبية الى شمال غزة مما نتج عنه موت الكثيرين من الأطفال حديثي الولادة والذين قطع عنهم التيار الكهربائى، وبتاريخ 17 يناير 2024، قام الجيش الإسرائيلي بتفجير وتدمير جامعة الإسراء بغزة وقصف المستشفى الميداني الأردني فى خان يونس، كما تعرضت الى إطلاق النار فى نفس اليوم سيارات الإسعاف التى كانت تحاول الوصول الى بعض السيارات المحترقة كما ذكرت جمعية الهلال الأحمر.

 وبتاريخ 31 يناير نفد الطعام من مجمع ناصر الطبي كما أصبح مستشفى الأمل خارج الخدمة بشكل كامل.

وفى نفس اليوم تم اكتشاف مقبرة جماعية تضم جثث 30 فلسطينيا قتلوا بالرصاص وهم معصوبو الأعين ومقيدو الأيدي، وفى الأول من فبراير تم العثور على 119 جثة تعرضت للتعذيب فى مدرسة ببيت لاهيا.

 فى 18 فبراير قارن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بين الهولوكوست وما تفعله إسرائيل فى غزة، وقال إن إسرائيل تجاوزت ما فعله هتلر.

فى التاسع والعشرين من فبراير الماضى أطلقت القوات الإسرائيلية نار الرشاشات الثقيلة على الفلسطينيين فى أثناء وقوفهم فى طوابير للحصول على مساعدات وطعام مما أدى لمقتل أكثر من 100 منهم، وبررت جريمتها حينها أن الفلسطينيين سقطوا فى عمليات تدافعهم وأن قواتها أطلقت النار على الذين حاولوا نهب تلك المساعدات.

لم تنطل تلك الكذبة على أحد لأن العملية موثقة بالصوت والصورة وكل التفاصيل المريعة.

عاود الجيش الإسرائيلي هجومه على مستشفى الشفاء بتاريخ 18 مارس وظلت قواته بها مدة أسبوعين كاملين تذبح حتى الأطباء وتدفن المرضى وتعتقل بقية الأحياء.

هذه المرة لم تترك القوات الإسرائيلية المستشفى إلا بعد أن جعلته قاعا صفصفا وليكون غير صالح أبدا لاستقبال المرضى.

بتاريخ الأول من ابريل الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قافلة إغاثة تابعة لجمعية المطبخ العالمية المشهورة وقتلت منهم سبعة.

 كانت القوات الإسرائيلية تعرف كل خطواتهم وأنها هى التى منحتهم تصاريح العمل فى مهمتهم الإنسانية.

أدى ارتكاب تلك الجريمة الى استنكار عالمى شديد كون الضحايا أمريكان ويتمتعون باحترام الجميع نتيجة عملهم التطوعى.

وفى 24 ابريل قال مدير المستشفى الكويتي فى رفح إن الجيش الإسرائيلي يستخدم أسلحة محرمة دوليا مما ينتج عنه أنواع غير معروفة من الإصابات مثل بتر الأطراف وتهتك الجسد.

وفى 28 يونيو قتل ثلاثة من المسعفين وأصيب 12 أثناء محاولتهم إنقاذ المصابين فى مخيم البريج فى وسط غزة على يد طائرة دون طيار.

عقب تدمير مسجد التابعين فى العاشر من أغسطس وأثناء صلاة الفجر ومقتل أكثر من 120 فلسطينيا خرجت ردود الأفعال الغربية غير مدينة للعدوان الإسرائيلي كالمعتاد، فقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تدين الضربة بأشد العبارات، وأنه يتعين على إسرائيل احترام القانون الدولى والإنساني، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي مانحا الضوء الأخضر لإسرائيل كالمعتاد: نحن نعلم أن حماس تستخدم المدارس كمواقع للتجمع والعمل انطلاقا منها.

gate.ahram

اقرأ للكاتب

مصطفى جودة يكتب: أسطورة أعظم جيوش العالم أخلاقا «1-2»

شكرا للتعليق على الموضوع