ناصر اللحام يكتب : في المشمش .. يعني في 20 أيار

يحترق العشب الاخضر في فيافي فلسطين تحت أشعة شمس أيار ، وقد اكتلمت الفصول الاربعة ببهاء وجلاء . يهرب الاطفال نحو الحقول ، يجمعون الفراشات ويخافون منها وعليها ، تتقدم قطة متثائبة وتفرض نفسها على الحضور من دون فيزا ، الكلاب لا تقترب من الانسان الا باذن ودعوة ، أما القطط فهي مغرورة بشكل كامل وتفترض ان الاساس هو القبول والاقتراب . ولا تفعل شيئا سوى التثاؤب والاكل والانتقاد .

سألت فلاحا مجربا : يا عم . متى ينزل المشمش . فأجاب : في عشرين خمسة . ولا يستمر موسم المشمش سوى اسبوع او اسبوعين ، لذلك يقول العرب ” جمعة مشمشية ” اي انها فرصة لا تأتي الا اسبوع واحد في السنة .

تنحسر المشاكل في الربيع ، وكان الاشجار تنطق وتتدخل لمنع الاشكال ، في فصل الصيف تكثر المشاكل واطلاق النار ، ويقول خبير الفلك والابراج ان شهر تموز القادم مرشح للحروب والمعارك وان تسيل الدماء . سألته اذا كان يتوقع ام انه يرى ما هو مكتوب على قبورنا ، فأجاب انه متيقن .

هل تعرف مريام بنيامين ؟ سألته عن العرافة الاسرائيلية التي كان يذهب اليها باراك ويستشيرها شارون لقراءة الطالع . فقال انه يعرفها جيدا وهي عرّافة مشهورة في تل ابيب . فخشيت ان تكون مريام بنيامين قالت نفس الكلام لنتانياهو . حينها سنقول : تبا .

الاوضاع الداخلية في فلسطين متوترة ، ولا احد يعرف اذا كانت الانتفاضة قد انتهت ام أنها بدأت للتو . السلطة تناغي وتلاغي المبادرة الفرنسية ” المرحومة ” والقسام تهدد بالانفجار ، واليسار يزهو أنه يتقدم الى الامام . ولكن الشعب لم يعرف بعد أين الامام وأين الخلف !!!

جئت للتو من جبل موسى عليه السلام ، قال النبي موسى لبني اسرائيل : انتظروني شهرا واحد ، وسأصعد الى الجبل لاكلم الله . لكنه تاخر عليهم عشرة أيام ، استلم الوصايا العشر على ألواح ونزل عن الجبل ، فوجد السامري قد أقنع بني اسرائيل بعبادة عجل من ذهب , غضب النبي موسى وكسر الواح الوصايا العشر على رأس العجل الذهبي ، وعاقبهم بأن هجرهم وتركهم في الصحراء يضيعون لاربعين سنة .

النبي موسى غضب من بني اسرائيل وهجرهم في الصحراء ، فهل غضب الفلسطينيون من اليهود وبني اسرائيل وكسروا اوسلو على رأس العجل نتانياهو ؟

لا يوجد مشمش في سيناء ، ولا تجد هناك سوى عشبة السيالة ، وهي ثمرة جبلية شوكية خشنة ، ولكن الجمل يحبها حبا كبيرا ، وقال لنا الدليل السياحي ان الجمل له معدتان تخزنان الطعام ما يكفيه للسير في الصحراء لشهر كامل دون طعام او شراب ، ولكنه حين يشاهد نبتة السيالة يعشقها ويأكلها بنهم ، انها تشبه ” الفراخ ” عند المواطن . هكذا قال .

قطط متثائبة ومغرورة ، كلاب تنتظر الدعوة ، فراشات تخيف الاطفال ويخافون عليها ، الوصايا العشر تكسرت على رأس العجل الذي عبده اليهود دون الله ، قبر النبي هارون في اسفل الجبل باللون الاصفر ، جبال جرانيت ومعادن لا تنتهي في الصحراء ، تقدم لليسار ، قارئ الابراج الفلسطيني ، عرّافة الزعماء اليهود ماريام ، وتنافس حاد بين فتح وحماس على الحركة الطلابية ، عيد الفصح للنصارى واليهود ، وشهر رمضان على الابواب ، انتهى عصر اللوز . وبدأت جمعة المشمش . لكنها لن تطول كثيرا ..

وسرعان ما يأتي حزيران ويحرق ظهر الارض بأشعة بنفسجية .

شكرا للتعليق على الموضوع