يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

انتهيت لتوى من مشاهدة فيلم “نابيلى ايڤر افتر” اى ” مجعد الى الأبد”

واخترت هذا الفيلم بالتحديد ، لانى لم أكن فى أفضل حالاتى المزاجية وظننت من عنوان وتتر الفيلم المرح ، انه سيكون فيلم كوميدي خفيف، تخرجنى أحداثة من تلك الحالة المزاجية القاتمة

واكتشفت بعدها انى كنت نصف مخطئة ونصف صائبة … فلم يكن فيلماً كوميدياً ولكنه بالتأكيد اخرجنى من حالتى الكئيبة !!

تدور أحداثه حول تلك الشابة الافريقية الامريكية “فيوليت” التى ربَّتها والدتها منذ صغر عمرها على ان تكون فتاة مثالية فى كل شئ ، فى هيئتها ومظهرها الخارجي وبالأخص حين يتعلق الامر بشعرها الافريقى المجعد ، فكانت تكويه لها يومياً وتمنعها من الاستمتاع بالحياة كأى طفل اخر حتى اصبح نزولها الى حمام السباحة من اكبر وأول المحذورات

حتى صارت شابة وظلت تتبع نفس ذات القواعد الصارمة ، فاستبدلت نفسها مع مرور الوقت بشخص مثالى فى هيئته لدرجة مستفذة

فأخذتنى احداث الفيلم ، عبر تطورات متتالية سريعة فى حياتها ورأيت تخبطاً واضحاً فى افكارها ومشاعرها …. رأيت شخصية تفقد الاتجاه وتفتقر الى هويتها الحقيقية ولا تعرف كيف وأين تستعيدها !!!!

فطلت فى اول الفيلم بشعر أملس ، اسود داكن ، تستيقظ فى الخامسة صباحاً كى تفرده بمكواة الشعر حتى ما اذا استيقظ حبيبها من نومه، وجدها فى أبهى صورها ….

وتساءلت لما هذا العناء ، أليس احد مبادئ الحب ان تتقبل الطرف الاخر كما هو دون ان يجد الطرف الاخر نفسه ملزماً بتكبد العناء الزائد ليبهر من يحب !؟

ثم أتت المرحلة الثانية ، حين ذهبت “فيوليت” الى مصفف الشعر ليلة عيد ميلادها … ارادت ان تبدو فى أبهى صورها اعتقادا منها ان حبيبها سوف يطلب يدها للزواج ، فعادت لتغير شعرها الى البنى المموج …. فى محاولة منها لابهاره اكثر وأكثر

واتت المفاجاة … لم يطلب يدها للزواج بل احضر لها كلباً كهدية ،،، انتهت الليلة بعراك كبير بينهما ، ختمه حبيبها بعبارة أوجعتها وتركتنى مذهولة

كيف تتوقعين ان أتزوجك … صحيح أنه مضى على علاقتنا عامين الا أننى اشعر انى قد قضيت معك عامين فى اول لقاء

كان يقصد ان معرفته بها لم تتعد ، معرفة سطحية ، لم تتخطى معرفة شكلها الخارجي ، والإعجاب بشعرها ، ملامحها

ولكى تتزوج بشخص ما ، يجب ان تتعرف على جوهره ، شخصيته ، تفاصيله الداخلية …

يجب ان تقع فى حب جماله الداخلي وليس الخارجي …

إذن كل جهودها على مدار عامين راحت سدى بلا فائدة ،،، أرهقت نفسها للاشئ

فأتت المرحلة الثالثة مرحلة الثورة والغضب والتمرد … فراحت من البنى الى الاشقر الذى لم يناسبها على الإطلاق …

ولكن هكذا نفعل فى حياتنا ، حين نتمرد يصيبنا الجنون و نذهب من أقصى الشرق الى أقصى الغرب فى دفعة واحدة ….

ونعتقد ان اى تغيير فى اى اتجاه قد يريحنا لبعض الوقت ويبعث بداخلنا شعور زائف بأننا بدلنا أسباب تعاستنا الحقيقية اًو ربما نتغاضي بذلك التغيير عن مأساتنا الحقيقية التى لا نستطيع تغييرها

وابتسمت لان أكثر ما تشتهر به النساء حول العالم عند مواجهة مشكلة اًو عند الشعور بالاحباط والاكتئاب ، هو الذهاب الى “الكوافير ” لقص شعرهن اًو تغيير لونه …. كم فعلت انا نفسى مرارا وتكراراً !!!!

وكم هزتنى عبارة قالتها وهى تحلق رأسها باكية

لقد حاولت وبشدة ان أكون الشخص الذى يريده ويتمناه حتى أنول رضاه ومع كل هذا المجهود لم احظ به

يا له من خطأ جسيم ، نقع فيه كثيراً … !!!!

ان يفقدك حبك لشخص ما ، حبك لنفسك

وكانت تلك هى المرحلة الرابعة … مرحلة الهدم التى تسبق البناء من جديد ،،،

فتلتقى صدفة بفتاة صغيرة تدعى”زوى” ، داخل احد المحلات تحاول سرقة فستان لتشبه باقى الفتيات

تتعرف على والدها وتتطور بينهما العلاقة ويتقربا من بعضهما البعض

وبحكم عمله كمصفف شعر ، يساعدها لكى ينمو شعرها من جديد على طبيعته … شعر مجعد….

صحيح …. نحتاج أحياناً لمن يساعدنا فى بناء أنفسنا من جديد …. ونستعيد طبيعتها الأولى دون تصنع ، دون تجمل !!! لتكون تلك المرحلة الخامسة

ورغم ذلك تعود لترتكب حماقة جديدة ، وتقبل العودة لحبيبها السابق والذى أبهرته ثقتها بنفسها والتحول الذى طرأ عليها وهيئتها الجديدة بشعرها القصير المجعد !!!

ولكن هل أعجبه فعلا هذا التغيير !!! سؤال خطر ببالى وسرعان ما اجابنى عليه ، حين طلب منها يوم حفل الخطوبة ان تفرد شعرها ليكون مظهرها مثالياً !!!! وكأن الكمال والمثالية لا يتحققان الا بالمظهر الخارجي

فما كان منها ، سوى ان خلعت حذاءها العالى وكأنها تقول له ” لا حاجة لى ان اصعد الى مستواك …. فأنا عظيمة شامخة فى كل الأحوال” وقفزت بثقة داخل حمام السباحة وعادت لتحرر تلك الطفلة الصغيرة من قيود الماضي …..

لعلها احبت “زوى” وارتبطت بها سريعاً لأنها ذكرتها بنفسها

وتصل الى نقطة النهاية …. الى امرأة قوية تعمل فى مجال الدعايا … وتكرس وقتها لحملة دعاية عن منتجات طبيعية للشعر المجعد قائلة ” من حق كل امرأة ان تختار ما تريد لنفسها …. شعر املس … شعر مموج … شعر بنى …. شعر اشقر … ولكن بالتأكيد ليس هناك أفضل من ان تختار شعرها المجعد وتحبه !!!!

تلك كانت كناية ورسالة واضحة ….

عزيزتي المرأة …. عليك ان تختارى اما ان تكونى فى الحياة كما يريدك كل من حولك اًو ان تكونى كما تريدى انت …. القرار لك

دينا ابو الوفا
دينا ابو الوفا

اقرأ للكاتبة

يوميات دينا ابو الوفا … عارفين

شكرا للتعليق على الموضوع