رضا عبد السلام يكتب : رؤيتي المتواضعة لإنقاذ التعليم
أكدت في مقالي السابق على أن كارثة وجريمة ومصيبة الدروس الخصوصية يسأل عنها أولا وقبل كل شيء “الدولة”، ثم الاسرة ثم المعلم ومنظومة الفساد التى أغرقت مصر.
قلنا أنه يبدو أن هدم التعليم كان مقصودا لسنوات، لبناء مجتمع يغط في الجهل، والجاهل يسهل تخويفه وقهره وتوجيهه واستعباده…الخ.
من حسنات جهود الإصلاح التي يشهدها الوطن حاليا، اهتمام الدولة مؤخرا وعزمها الواضح على تطوير منظومة التعليم…وهي خطوات تستحق التقدير ولابد أن ندعمها.
ولكن وكما نرى، وبعد مضي ما يقرب عامين على مشروع د طارق شوقي، لم نرى تغيرا جذريا، بل بدأ القلق يدب في قلوب الحالمين مرة أخرى…حقيقة لا ينكرها الا ضال أو مضل.
وفِي الحقيقة أنا اكتب هذا الكلام بوصفي مواطن وأكاديمي ورجل عمل في المجال التنفيذي، ومن هذا المنطلق أقول، إذا شئنا سنفعل، وليس هناك أغلظ من يد الدولة، واذا ارادت أن تبسطها وتردع مخالفيها ستفعل…نعم ستفعل.
وللأمانة أقول، ومحبة في الوطن الغالي بأن الجهود الحالية غير كافية مطلقا، ولن تكون كافية لتحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع الخطير.
وبناء عليه أضع المقترحات والخطوات التالية بين يدي صانع القرار، وأنا على استعداد تام لدعمها بأي شكل، وذلك على النحو التالي:
أولا: لابد من أن تعلن الدولة حالة التأهب القصوى، وكأنه إعلان حرب (حرب على الجهل وأهله)، للبدء في تنفيذ اخطر مشروع قومي، وهو مشروع عودة وإحياء مصر من خلال التعليم.
ثانيا: لا يمكن لعاقل ان ينتظر أو يتوقع نجاح وزير التعليم وحده في إصلاح منظومة، أقل ما يقال بأنها منظومة فاشلة…
فالتعليم وعودة المدرسة تستلزم تضافر كافة جهود الجهود، والتزامات وواجبات محددة من كافة الوزارات المعنية، من وزارة التنمية المحلية والداخلية والمحافظين ورجالهم في كافة المدن والقرى…الخ.
عندما تقرر الدولة عودة المدرسة لابد وان تعود المدرسة، وعدم عودتها لا يعني سوى شيء واحد وهو ان هناك أياد أقوى من يد الدولة، وان الفساد مهيمن وطاغي…وأي كلام آخر ليس أكثر من استهلاك ودغدغة مشاعر.
ثالثا : البدء من الآن وحتى نهاية شهر أبريل في غربلة وتصفية وتنقية المقررات – في كافة المراحل بدءا من الحضانة وانتهاء بالثانوية العامة – من كافة صور الحشو والتكرار والكم الذي لا جدوى منه، وذلك من خلال لجنة من خيرة عقول مصر من أساتذة التربية والتعليم بالجامعات المصرية، على ان تلتزم تلك اللجنة بتسليم مشروعها قبل الموعد المحدد أعلاه.
رابعا : لايمكن أن نتحدث عن تطوير للتعليم في غياب الاهتمام بالمعلم (ماديا وتدريبيا)، لذا لابد من تحويل أموال صندوق الزكاة وصندوق تحيا مصر لصندوق تطوير التعليم…
نعم…ليس هناك أهم من التعليم، على يشرف على هذا الصندوق نخبة من خيرة عقول وعلماء مصر…وتدار امواله بكل شفافية ليكون مؤهلا لتلقي أموال الزكاة والتبرعات والهبات…الخ…من خلال هذا التمويل (الموجود والغزير) سيتم تحسين دخل المعلم ليكون الدخل من 3000 الى 10000 جنيه كمرحلة أولى…
ولكن من سيتقاضى 3 آلاف ومن سيتقاضى 10 آلاف؟ هذا أمر تحدده معايير الكفاءة والاداء…بأن يترك للطلاب في مختلف المراحل حرية الاختيار بين السادة المعلمين، وبالتالي هي دعوة للتنافس بين المعلمين نحو الأفضل من خلال التدريب…الخ.
خامسا : الأسرة المصرية، كشريك رئيسي في هذه الجريمة، تخضع لحملة إعلامية قوية لتنظيف عقولها من أكذوبة كليات القمة وكليات القاع وثقافة التباهي الوضيعة والتي قادتنا الى واقع مؤلم، وفِي نفس الوقت تطبيق عقوبات صارمة على كل من يخل بالنظام الجديد من ولي أمر أو معلم أو منتفع…الخ.
هل كل هذا ممكن؟! دون ذرة شك عندي…ممكن جدا جدا، ولكن كما قلت، لابد لعصا الدولة الغليظة أن تظهر، في وجه كل من يقف في وجه هذا المشروع القومي الأول.
كل محافظ في محافظته، وتحت سلطانه السادة مديري الأمن ووكلاء الوزارات…الخ، مسؤول مسؤلية كاملة عن تنفيذ مشروع الوطن بحذافيره بدءا من شهر مايو 2019.
لابد من منح السادة المحافظين كافة الصلاحيات لتنفيذ مشروع الدولة، مثل تنظيم مجموعات التقوية بالمدارس والرسوم التي ستختلف من القرية الى المدينة…الخ.
إن التزام ونجاح كل محافظ في تنفيذ هذا المشروع القومي سيكون هو مقياس بقاؤه أو رحيله…
ولا يمكن للمحافظ أن يؤدي رسالته هذه بحذافيرها الا اذا كان كامل الصلاحيات والسلطات، تجاه كل من يعمل تحت سلطته في المحافظة…ممكن؟!…بالقطع ممكن…اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
بقلم ا.د : رضا عبد السلام
اقرأ للكاتب
رضا عبد السلام يكتب : هل هي نهاية تركيا؟!