فريد لفتة يكتب: سؤال بريء (3)

ستنقرض البشرية سنة ٢٠٢١

   لا أحتاج أن أكون متنبأً او عرافاً مثل نوستراداموس أو أمتلك تقويماً كالذي استخدمته حضارة المايا أو أن أقرأ الأفلاك كماجي فرح أو معلماً يعلن لي صراحةً عن نهاية العالم كأبو علي الشيباني أو حتى حاسوباً عملاقاً كالذي تنبأ بنهاية العالم بداية ٢٠١٩ أو أن أكون عالماً كزكريا ستيشن أو غيره من المتنبئين أو تكون لي نبؤة من التنبؤات الكثيرة التي وعدت بأنتهاء الأرض وماعليها وكلها لم تتحقق فاليوم جأتكم بالنبأ اليقين بأن البشرية ستفنى سنة ٢٠٢١.

   قبل أن أشرع بشرح كيف توصلت لذلك الحدث الجلل أرجوا منكم أن تتحملو معي عناء قراءة المقال للأخير للتأكدوا من صدق ادعائي.

   لنتصور مجموعة من أولى المجموعات البشرية مكونة من ثمانية أشخاص بواقع أربع رجال وأربعة نساء قبل ثلاثمائة ألف سنة، إذ كانوا عراة ويعيشون في أحدى الغابات ويقتاتون على ما يجدوه من ثمار وبعض الحشرات نهاراً ويعودون لكهفهم ليلاً ليحتموا من الوحوش ولتضطجع اجسامهم المتعبة مفترشةً أرض الكهف فهل تتخيل مالذي يتحدثون عنه قبل أن يغلب الكرى عيونهم.

   أعتقد جازماً بأن ما يناقشونه هو عن موضوعة الجنس وستكون الأسئلة كالأتي:

1️⃣ لماذا هناك أختلافات في جسد الرجل عن المرأة؟

2️⃣ هل يستطيع الرجل ممارسة الجنس مع المرأة بحرية تامة ومن غير ضوابط؟

3️⃣ هل يستطيع الرجل ممارسة الجنس مع الرجل، والمرأة مع نظيرتها؟

4️⃣ هل يستطيع الرجل ممارسة الجنس مع الرجل والمرأة والعكس صحيح؟

5️⃣ هل يستطيع الرجل ممارسة الجنس مع عدة شركاء وكذلك المرأة أم العلاقة أحادية؟

6️⃣ هل يستطيع الرجل ممارسة الجنس دون أن يحب الشريك وكذلك المرأة؟

7️⃣ هل تكون العلاقة تحت مرأى المجموعة أم تكون خاصة وبعيدة عن أنظار الأخرين؟

8️⃣ هل تستطيع المجموعة التحدث عن تفاصيل علاقاتهم الجنسية؟

9️⃣ هل يستطيع الرجل أو المرأة ممارسة الجنس مع نفسه دون شريك؟

🔟 هل نغطي أجسادنا وما مقدار ما نغطيه؟ وهل تختلف ملابس الرجل عن المرأة؟

   قد يقول قائل ماهو دليلك على ذلك أقول الأسباب الأتية:

✅ أنهم لايمتلكون لغة بعد وموضوع الجنس لايحتاج لغة فبأستخدام الأشارة والهمهمة والمحاكاة يستطيع الانسان البدائي من خلالها التعبير عن تلك الأفكار ببساطة.

✅ طبيعة كل الكائنات ومن ضمنها البشر لديها فضولاً وتساؤلات حول جسدها واستخداماته وعلَّ أو سؤال يسأله الطفل هو كيف جاء للحياة ونظراته الفضولية حول جسده وجسد الاخر

✅ التسلسل الطبيعي يبدأ من فهم أجسادنا ثم ما يحيطنا وصولاً للكون لذلك أرتبطت الديانات الأولى بجسد المرأة وخصوبتها.

   بعد مرور عشرات السنين فهم الانسان جسده وتحول لفهم محيطه والتفكر في ما حوله وبدأ بتطوير اللغة والرسم للوصول للكتابة ثم الصيد فالزراعة فالحرف وأنشاء المدن حتى تكونت اولى الحضارات كالسومرية والفرعونية والكنعانية والمايا وحضارات الشرق مروراً بالأغريق وعصر الفلسفة ونزول الاديان والصناعات البسيطة واكتشاف البحار حتى وصلت البشرية لعصر النهضة والعلوم ثم الثورة الصناعية والفضاء وفيزياء

 الكم والهندسة الوراثية فصار البشر يقيسون مقدار تطور الفرد أو المجتمع بمقدار ثقافته وشهاداته وخبرته وانجازاته وصار التعليم شعار الامم للوصول للنجاح والرخاء.

   لكن وحسب ما يرى أبن خلدون بأن الدولة أو البشرية هي كائن حي يمر بالطفولة ثم الشباب ثم الكهولة فالموت فيبدو أننا في دور الكهولة وقريباً سنأفل.

   لأن رغم كل التطور أعلاه لكن البشرية عادت من حيث بدأت واليوم الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي لا هم لها غير ميول الانسان الجنسية وما يلبس وما أشبه اليوم بالمجموعة البدائية الاولى حيث الكل يضطجع في كهفه الافتراضي ولا شغل لنا غير ميول الاخر وممارساته الجنسية وأضحى اليوم مصطلح منفتح فكرياً لا يعني الشخص الذي قرأ وتفقه وتعلم وسافر بل يعني ببساطة هو من يهتم بالميول والسلوكيات الجنسية وما نلبس وكيف نلبس فكلما كنت مناصراً لعدد أكبر من التوجهات الجنسية ونوع الملبس كلما زادت ثقافتك وتحضرك وتنورك فالبشرية صارت لا تناقش العلوم والاديان والسياسة والادارة والفنون والاداب بل نكصت على عقبيها وعادت لبدائيتها وصار معيار تقدم الفرد أو الجماعة هو مدى توسعها في ممارسة الجنس وطريقة اللبس.

   قد يقول قائل بأني أبالغ لكن يكفي بأن تبحر في عباب الانترنت متنقلاً بين جزره ومواقعه لتجد أن أغلب الجدال والنقاش حول شهوات الناس ولباسهم بل وخصصت برامج حوارية وميزانيات بملايين الدولارات فأنتبه الساسة الغرب لهوى الناس فتسابقوا لأعلان ميولهم ونصرتهم لمن لديه رغبات مشابهة بل ذرفوا دموعاً عن معاناتهم من كبت غرائزهم أو تعرضهم للتحرش فزادت شعبيتهم وصاروا ابطالاً فقلدهم المشاهير من هوليوود فأزدحمت المحطات بهم، وسيبدأ قريبا الشرق بتقليدهم مثلما تنبأ أبن خلدون في تبني المغلوب لآراء وأفكار الغالب وسنفاجيء بالمشاهير بأعلان ميولهم وتحولهم لابطال وكيوت (كيوت – لم اجد ترجمة لها).

   مما تقدم يبدو جلياً بأننا معشر البشر نقترب من النهاية ونعود أدراجنا نحو البدائية، يبقى السؤال يجول في خاطرك عزيزي وعزيزتي القاريء عن كيف ستفنى البشرية؟ ببساطة لأن مجموعة بسيطة من البشر قبل آلاف السنين كانت متوحشة لكنها لم تفنى لعدم امتلاكها اسلحة متطورة وبرغم ذلك مارست ابشع المجازر والتنكيل، اليوم اذ عادت البشرية بدائية التفكير وبأمتلاكها هذا الكم من التقنيات والاسلحة سيكون فنائها بيدها وإن لم تصدق خذ جولةً أخرى في ثنايا مواقع

التواصل الاجتماعي واقرأ التعليقات فرغم ادعاء البشرية بانها منفتحة وكيوت (كيوت – لم اجد ترجمة لها) لكنها تمارس سباً ولعناً وعنفاً غير مسبوق ولو أعطي كل واحدٍ منهم سلاحاً لقتل الاخر دون ان يرف له جفن.

السؤال اليوم هو عبارة عن خيارات يجب علي أن أختار واحداً منها بمعونتكم لي:

🔴 أن أكون بارغماتياً وعملياً وانتهازياً فأعلن عن تعدد ميولي الجنسية ونصرتي لها بل وأزايد على أكثرهم كيوتاً  (كيوت – لم اجد ترجمة لها) واعلن عن مبادرتين عالميتين … الاولى: أن نشرع قانوناً يجرم لبس الملابس وتصنيعها والترويج لها ويعتبر المخالف أرهابياً … المبادرة الثانية: أن نمارس الجنس الجماعي بكل اشكاله يوماً واحداً في الاسبوع جهارا نهاراً في الاماكن العامة.

🔴 أن أكون مهادناً مطأطيء الرأس وأهتم بشؤني وأعمل مثل ما يقول المصريون “صباح الخير يا جاري أنت بحالك وأنا بحالي” لحين أنقراضي وامثالي ونصبح ملصقاً او موضوعاً في الكتب كأشقائنا الديناصورات.

🔴 أن أكون ثورياً واسبح ضد التيار ويهاجمني الجمع وأعدم وأصلب واترك لينكل بي الناس وتاكل الطير مني لأكون عبرة لمن لا يريد أن يكون كيوتاً (كيوت – كلمة لم أجد لها ترجمة)

ملاحظة:

   لمن لم يفهم المقال فأنا لست ضد أو مع تعدد الميول الجنسية لأني ببساطة أراها سلوكيات واختيارات خاصة ولا شأن لي بها، ما أقصده هو أن لا تكون ممارساتنا الجنسية وملبسنا هي معياراً لتحديد ثقافة وتطور المرء أو الجماعة كما أني احتج على ممارسة العنف اللفظي في الرد والتعبير، فالفكر يقارع بالفكر.

اقرأ للكاتب

فريد لفتة يكتب: سؤال بريء (2)

شكرا للتعليق على الموضوع