الحرمان المحرم “قصة قصيرة”

تنبه : خوفا من تشابه أسماء القصة بالواقع قررنا عدم تسمية أبطال القصة

دخلت مسرعة الي الحجرة وقذفت الباب بقوة حتي اهتزت الجدران ، وتطاير حذاؤها في الهواء أحداه هشم المرآة والآخر كاد أن يسقط من النافذة بالشارع ، ثم ألقت نفسها علي السرير وهي في حالة هيسترية احتضنت الوسادة التي ارتوت بعد لحظات بدموعها ، ثم وجهت عيناها الي سماء الغرفة لتشكوي الي الله ماحدث الا أن المروحة المتدلية من سقف الغرفة سحبت عيونها مع لفاتها والصوت الذي يخرج منها كأنه مطرقة تدق رأسها ومرت لحظات صمت ما بين الألم والتذكر ما بين الحاضر والماضي فدارت مع أجنحة المروحة مشوار حياتها فتذكرت أول قصة حب مع شاب وسيم يكبرها سنا ويقلها طولا لكنه مليئ بالاحساس والمشاعر الفياضة فعاشت معه قصة حبها حتي تكللت بالخطوبة وخلال رحلة الخطوبة عاشا لحظات لا تنسي من العمر سواء بالمحادثة أو بالمشاركة في رحلات جمعتهما شعرت من خلالها برقته في التعامل وجاذبيته ولمسات ذراعية حينما يطوقها حول خسرها خوفا عليها من الأذي وهما يتناقلان بين الزهور والبساتين والأثار المصرية العريقة حتي جاء والدها يوما وطلب من خطيبها وضع حد للعلاقة وهنا شعرت بلسعات الصيف الحارقة والعرق الذي يتصبب من جسدها ورأسها وهنا أدركت أن المروحة تعطلت بفعل فاعل فانتفضت لتبحث عن الفاعل وتوجهت للنافذة ورغم أن الليل تخطي نصفة وأقتربت الساعة الثانية صباحا الا أن سكون الليل يقتله لسعات الحر والرطوبة فعرفت أن الكهرباء قتلت فرحتها كما قتلت من قبل وبين الذهاب والاياب بالحجرة عادت المروحة لتدور مرة أخري وهنا أيقنت أن الحياة تعاندها حتي في أحلامها .

أعادت شريط الذكريات ووالدها يصر علي فسخ الخطوبة لعدم امكانية العريس توفير عش الزوجية وأن ظروفة لم تتحسن خلال شهور الخطوبة وكانت ساعة الحسم حينما أمرها والدها بنزع دبلة الحياة من أصبعها وقد شعرت وقتها أن الدبلة تأبي الخروج وأنها تعترض علي طمس الحياة الجميلة والأمل في الغد ولكن الضغوط نزعت الحياة من كفها ولم تستطع المقاومة .

ثم نظرت للمروحة لتستكمل المشوار حيث تقدم لها عريس وقبل البحث والتحري وجدت نفسها في عش الزوجية فسلمت جسدها له وروحها مع خطيبها ولم يمر بضعة أشهر حتي شعرت بالاهانة النفسية والجسدية من زوجها لأنه لا يعرف عن الزواج سوي الرغبة الجنسية فقط ولا يملك من ترتيبات الحياة اليومية المعيشية سوي هذا التصرف وبدأت المقارنة بين الماضي والحاضر بين المشاعر الجميلة والقوة المفرطة فتجرأت وطلبت الطلاق ووقع علي مسامع أسرتها كالسيف لأنها الجريمة الكبري لدي البعض ويضع المرأة في نظر المجتمع بعلامة مميزة تسوقها الي كل ما يسوء الفرد والأسرة فتراجعت وتحملت لكنها لم تستكمل شهرا حتي قرر الزوج التخلص منها فألقي عليها يمين الطلاق ليعود لزوجته الأولي أم أبنائه ويتركها حبيسة تسبح في دموع الحرمان والخوف من الأهل والجيران .

ولم تمضي لحظات حتي سمعت طرق شديدا علي الباب فهمت بسرعة وفتحت الباب فوجدت زوجها يسألها أين الطعام ؟ فتيقنت أن النهار بزغ وعليها تحضير الطعام لزوجها وأولادها . توجهت مسرعة الي المطبخ أعدت الافطار وأطمئنت أن الزوج والأولاد تناولوا افطارهم وغادروا المنزل وجلست تسأل نفسها لماذا ؟ وكأنها تتعجب من أحوالها زوج يرفض أن أجلس معه أو أنام بجواره منذ سنوات ورغم هذا يصر علي حقوقه من مأكل ومشرب وغسيل وتنظيف ولا يسأل نفسه ماذا قدم لزوجته سوي توفير المسكن والمأكل وتوجهت الي الله تسأل لماذا حظي في الدنيا كده زوج يهينني ويطلقني وزوج آخر يرفض معاشرتي ويجعلني أعيش الحرمان رغم أنه محرم فعله وبينما تعاتب نفسها وتسأل الله هل أعيد التجربة وأبلغ أهلي وأنا اعرف ردهم مقدما سمعت طرقات علي الباب فهبت وفتحت وكانت جارتها علي الباب رحبت بها وحاولت تنسي همومها .

جلسا يتحاوران وحكاية وراء أخري حتي تشجعت وسألتها عن معاملت زوجها لها فشاهدت الفرحة والابتسامة تملأ وجهها وهي تمدح فيه وتدعوا له وعندما أعيد السؤال من قبل الجارة راح لونها أشكال وألوان واحتارت في الرد وبدهاء من جارتها جعلتها تنطق وتشكوا ما يحدث لها من عدة سنوات لأنها خلفت بنات ومع آخر بنت شعرت أن زوجها يقاطعها وقليل ما يقبل أن تنام بجواره فنصحتها الجارة بأن تتزين بثياب جديدة وتتعطر وتستقبله بوجه بشوش .

 لم تتنتظر بعد توديع جارتها توجهت الي السوق واشترت ثياب جديدة وقمصان نوم لم يسبق لها استخدام هذا النوع وعادت الي المنزل تسبقها فرحة الأمل بالنجاح وجهزت كل ما لذ وطاب من مأكل ومشرب وارتدت الثياب الجديدة واستقبلت زوجها وأولادها بفرحة لم تشعر بها من قبل حتي أن بنتها الكبري سألت في ايه ياجميل عيد ميلاد مين ولا ايه الحكاية ردت الأم انت رأيك ايه ؟

قالت الأبنة رائعة لم أري جمالك هذا من قبل .

تناولوا الطعام والشراب وجلسوا أمام التلفاز ليشاهدوا البرامج فصاحت الأبنة الكبري بلاش نشرات أخبار اليوم عايزين نشوف حاجة حلوة عاشوا مع الأفلام الرومنسية القديمة وشعرت الزوجة بالسعادة وفي داخلها تدعوا الله أن تكتمل فرحتها وبعد نوم البنات جاءت بجوار زوجها تحب تشرب ايه فطلب عصير فاذدادت فرحتها بتجاوبه وبسرعة شغلت الخلاط وسكبت عصير الفواكه بالكوب وتوجهت الي غرفة النوم وقدمت له العصير وعادت مسرعة الي الحجرة الأخري وامسكت بزجاجة العطر وكادت أن تفرغها عليها وعادت الي زوجها مرتديا أجمل قميص نوم لم يراه من قبل وأمسكت بكوب العصير ومدت يديها الي زوجها ليشربه وهي تجلس بجواره وبعد أن ارتشفه سألته عجبك ؟

 قال جميل سألته ايه رأيك في تسريحة شعري والبرفان فنظر اليها وهز رأسه وقال جميل فارتجف قلبها وأهتزت يديها وكاد يسقط الكوب وشعرت أن صدرها يكاد يصرخ من الفرحة والسعادة فألقت بنفسها بجواره لتنال الرضا مطمئنة أنه سوف يضمها الي صدره وأن عظامها ربما تتكسر من شدة وقوة ذراعية المحرومة منها من زمن وتعوضنها الحرمان وقبل أن تستكمل أمنياتها فوجئت بدفعة قوية طرحتها أرضا وقبل أن تفيق منها سمعت صرخة قوية اخرجي بره لا أريد ان اراك ولا تفكري في هذا ما دمت حيا ولولا البنات لألقيت عليك يمين الطلاق الآن  .

قصة قصيرة من واقع الحياة .

فوزى المصرى

تاليف : فوزى المصرى   (  رئيس جمعية حماية المستهلك بشرق الدلتا  والشرقيه  )

شكرا للتعليق على الموضوع