يوميات دينا ابو الوفا … عارفين
تابعت مسلسل “لأعلى سعر” منذ بداية شهر رمضان الكريم و بالرغم من الأخطاء العديدة التى لاحظتها و لاحظها كثيرون غيرى فى حبكته الدرامية، الا انه بشكل عام فى مخيلتى و رأيى المتواضع، يعد من اقوى المسلسلات لهذا العام …
حيث سلط الضوء و بقوة على كثير من الأمور الواقعية و المتناقضه التى نواجهها فى حياتنا …
فظللت من خلال الأحداث و تتابع الحلقات ، أتأرجح ذهاباً و اياباً بين الشر و الخير ، بين لحظات الخيانة و الوفاء، بين لحظات الضعف و القوة ، بين لحظات الاستسلام و التحدى ، بين رغبة الانتقام و رغبة التسامح و غيرهم …
وبناءاً عليه تحفزت و بشدة لالقاء الضوء على كل شخصية على حدى فى مقال منفصل ربما لانى أحب الاسترسال و الغوص عميقاً فى قاع الشخصيه و ربطها بالاحداث فيطول معى الحكى و الكلام …
و هنا وجدت “جميلة” هى أولى الشخصيات التى جذبتني و شدتنى اليها لما رأيت فيها من متغيرات و و ذبذبات و انقلابات فى محور شخصيتها راس على عقب !!!!!
رأيت فى البدايات باليرينا رقيقه ، فنانة راقية مرهفة الحس ، فتاة رومانسية تقع فى الحب و تساند شريك الحياة و تصعد به من قاع الحياة الى سماء النجاح العالية …
ثم رأيت امرأة تفشل فى ادراك التوازن بين ان تكون ام وزوجة تسير جنباً الى جنب مع زوجها على درب نجاحه ، لتعيش معه فى كوكب احلامه و بين ان يكون لها أحلامها الخاصة و دربها الموازي ، فتفقد بذلك هويتها و تخبىء جميلة الجميلة وراء عباءة سوداء و نقاب وكانها ترتدى ملابس الحداد على هويتها التى ماتت بداخلها ….
فتسكنُ هى القاع ، فلا يراها زوجها الذى اعتلى القمة و لم تعد تليق به !!!!
الا انها احتفظت ببراءتها و طيبتها التى وصلت الى حد السذاجة و حسن نيتها المفرطة فى الآخرين فتركت صديقتها الحية تزحف بدهاء نحو زوجها الفريسة السهلة، فتلتف حوله بل و تبتلعه بالكامل داخلها وتتزوجه !!!
فما كان من الجميلة “جميلة” الا التصدى لتلك الخيانة … ليس فقط خيانة زوج وصديقة بل خيانة اَهلها الذين تخلوا عنها بدم بارد، فى سبيل حماية مصالحهم المادية فقاومت مقاومة فرديه عزلاء حاولت فيها الخروج من ذلك الكابوس باقل الخسائر و ضمان الاحتفاظ بابنتها ، الا انها خسرت جميع المعارك لانها ببساطة لم تجد قواعد الألعاب الدنيئة فبدت كمن يحارب بنبلة امام الدبابات و الرشاشات و الأسلحة الثقيلة !!!
تلك الخسارة ( خسارة زوجها و بيتها و ابنتها و اَهلها و حياتها ) جعلتها تدخل فى المرحلة الثالثة من تغير شخصيتها …
فرأيناها امرأة تنكر جروحها و تخمد شعورها بالانهزام فتفتعل الضحكات الزائفه امام التلفاز و تاكل بشكل هستيري ، تنام كثيراً، تهمل نفسها و يزيد وزنها … تستسلم كلياً للظروف و ما آلت اليه حياتها …
فيحاول الأب اخراجها من تلك الدوامة الا ان كل محاولاته تبوء بالفشل ، الى ان تتلقى جميلة الصفعه المؤلمة من ابنتها التى تعيب على وزنها الزائد على عكس زوجة ابيها المتالقة …
فتدفعها الى المرحلة الرابعة ، فتخلع النقاب وتعود لتمارس الرياضة بجدية و تفقد الوزن وتبدأ فى استعادة هيئتها ومظهرها الخارجي الا انها فى المقابل تنجرف ابعد ما يكون عّن جوهرها الداخلي …
فتمتلئ بالغل و الكره و الرغبة فى الانتقام و تحمل الضغينة لمن آلموها فتلجأ الى الأساليب الملتوية و الألعاب و الحيل الخسيسة لتخوض حرباً غير شريفة امام زوجها و صديقتها المزعومه …
حتى ان زوجها السابق سالها بصدق ” اين جميلة التى أحببتها !؟”
و هنا على ان اعترف انى كمشاهدة كنت انتظر بفارغ الصبر اللحظه التى ترد فيها الضربات للجميع …. فهل انا شريرة !!!! ام انه شعور انسانى و رد فعل طبيعى ان نرغب فى الانتقام ورد الصاع صاعين .. فكنت أشبه بالمشجع الذى يصفق ويهلل فرحاً كلما احرزت هدفاً فى مرمى أعدائها اما ” جميلة ” فكانت افضل منى حين تنحت عّن لعب دور ليس دورها و ادركت انها لا تستطيع المضى فيه اكثر من ذلك …
فعادت لتأخذنا معها الى المرحلة الخامسة من التغيير حين هدأت و عادت الى رشدها و استيقظ ضميرها من غفوته و قررت ان تنظر للأمام، لما هو آت ، بدلا من يلهيها و يستعبدها ماض لن تغير فيه شيئاً … فما حدث قد حدث و انتهى الامر …
وهنا رفعت لها القبعه ، فليس مثلها الكثير !!!
قليلون هم من تخفق المحن و الآلام و الصعاب ، فى تغييرهم آلى الأسوأ لتجعل منهم أناس مختلفين …
اما هى فلا … لقد خلفتها التجربه انسانه اقوى ، اكثر اتزاناً ، اكثر عقلانية ، اكثر تسامحاً
اختارت وأحسنت الاختيار …
فكل منا بداخله الشر والخير لكن اى الامرين نختار متروك لنا …
لا ادرى كيف ستنتهى الحلقات و اذا ما كانت ستعود لزوجها ام لا …
و لكن ما اعرفه و يكفينى .. انها عادت “جميلة” الجميلة …

اقرأ للكاتبة :
ان تكون صديقاً حقيقياً وفياً لهو امر نادر الوجود