وسقطت في قوقعة الصمت ” قصة حقيقية ” ( 2 )

تأليف : نادية حلمى

ملخص الجزء الأول :
ما قد حدث من هجمة إرهابية إجرامية عبثاً غير مدروس، وغير مُكتمل الأركان…
خُطط له بروح شيطانية ، ونفس خائنة من زمن دون أن يُحسب حساباً لمن سَيتصدى لأفكارهم، ويعترض أفعالهم …
وبِحُجَج غير منطقية … أطاحوا بالقضبان الحديدية وفروا فِرار الجرذان واللصوص … وفى جُعبتهم كقوة مُدافعة ومُساندة لأُفعالهم الإِجرامية وأَفكارهم التَخريبية عند التنفيذ المُخطط له . ثعابين وأفاعى المستنقعات.
وقد حدث من القتل والسحل ، والاعتداءات الجسدية والجنسية الكثير للترويع والتركيع لشعب مصر الذى لم ولن يركع سوى لله .
حدث ذلك ليفقد المصرى توازنه وتنهار ثوابته لإرغام مصر على السقوط.
ولكن ! حب الشعب للوطن ثابتاً ثبات الأوتاد فى أعماق الأرض ما لا يتخلى أو ينفصل أحدهما عن الآخر لأنهما كيان واحد لا يتجزأ .

الجزء الثانى :

عطر الزهر ورحيق الورد أثرني وكل جزء في الجسد إنساب إستراخاً ومع أصوات البلابل ونسيم هواء الفجر المميز وهسهسة عصفور العش في قلب الأغصان وسرب العصافير إلتفافاً حول وعاء الأرز والماء كان له القسط الأكبر من راحتي… كل ذلك أحدث سيمفونية متناغمة مع أصوات الأطيار وهمس الهواء ما قد ساعد على الغوص في النوم … تناولتني سكرة فإستقرت لها الأنفاس المتلاطمة ظمأ للاستقرار .. وبي غدت غائرة لعالم حالم  يرتقي بسمو الخلق …

هربا من عالم بات مقبرة للقيم والمشاعر النبيلة … عالم أباح لنفسه كل ما قد حرمه الله على الإنسان … عالم يتلاعب ويعبث عبثا بما انزله الله لنا تزييفا وتحريفا لتقنين رغبات وغايات شيطانية يابأها الله فسادا على الأرض        …

وتشتد الشمس حرارة بالمكان فاللجانب الآخر منه أنتقل وأتظلل بالغصن المنشق الشارق والشامخ من الشجرة العاتية التى تبسط بأغصانها على سور الشرفة .. وتحت الكثيف منه أتظلل وهذا هو جزء من عشقي للحياة..

أبتلع أنفاسي وأتأمل الوريقات الوليدة حين فجرها .. أتلتمسها ملمسها ملمس وليد الأحشاء فيحرك بي مكنون الظمأ الحبيس دون الرغبة ويقلص بالإنجاب إحشائى ويجرف إجتياحا بالشوق روحي…

أرغب فى وليد  أو وليدة أسميها سمراء قد وُجودها ينتشلني من عزله أسقطني وقوقعنى خلفها الإرهاب … وفجأة يحضرني الواقع الأسود القتل والسحل والخراب ما قد لاشى كل إحساس مرتبطاً بأمنية الإنجاب وفى هُوَة المخاوف يُسقط حنين الشوق بسمراء ما غَالَبَ بالعين دَمعِهاَ ..

برهة والنفس تعود صَابِرة بالواقع المرفوض ، ثم فجأة يُغَالَبني الغضب به، ويُلقيني ذوبانا في نَبع من العطش الغارق شوقا بها وحنينا بسمراء التى أرغب في وجودها وضمها لصدري، وإذ بخوف ينتابني .. يَسلبني المشاعر المرتبطة بالإنجاب للظروف الغير آمنة ما قد أسقط حوار النفس مع ذاتها.. وأَعاد الحلم لمعقله المغلق .. والمُحاط بسواد الإرهاب ، وما قد أسكن صمتاً العقل ، والقلب المتضاربان كانا بهذا الخصوص ، ومَنَح لصوتَ الوجدان الأكثر تأثيراً على النفس فرصة للتحكم فى وأخذت أستسلم للفكرة شوقاً لـ سمراء ، ولكن وقبل ما يُغاَلبني الضعف أمام الرغبة فى الإنجاب ، أتطلع إلى السماء استجداءاً بالله لينصر مصر ويقهر حنينى بها، وإذ بعندليب الفجر يشدو عصراً فينفرج قلبي ونسمات مُغازلة بغزل الطير أتنفسها موجهه صوتي له : أعشقك يا أَسر بالقلوب انزلت بِغضب  النفس، وإن كان لحظى لامس خُصلي لتلامسك أناملى…  كم أتمنى أن أكون أنت أهفو فى سماءك وبجناحيك أصفق .. ويسبح فى الفضاء وعيناي تُسبح خلفه.

يتلاشى وعيناي تغوص فى عالم آخر… حديقة تحيط بالمكان واسعة الأطراف أتأمل جوانبها  فأرى غُصن من الأغصان يَحتضن من البراعم كثيراً بينهما وردة بدأت فى التألق أشبه بصبية الربيع … تبحث ورقاتها الملتفة حول بعضها عن نسمه ريح لتمنحها الحياة ولتصبح عروس مكتملة الأركان… ولكن للأسف لاهث خلف رغبته الأنانية … لم يُمهلها لتشتم عطر ذاتها.. مد يده ومن خلف سور الحديقة قطفها .. إشَتَمها والقاها وعابر آخر بالقدم سحقها.

فأثارني غضباً ذلك ، ذكرني بالذئاب والأطفال الرضع منهم ذكرني بغضب الناس واشمئزاز النفوس بهم ومنهم من إنتهكوا بوحشية حيوانية أجساد لبنية بلا رحمة … مزقوا أعراضهم .. لم يرحموا صرخات آلامهم بنفوس مريضة تمكنوا منهم .. حتى أن صمتت الأنفاس موتاً..

لم للآن استوعب ما حدث وما يحدث أفعال لا يفعلها سوى حيوان في غابة أو مختل خارج معقلة.. ألهذا الحد نعيش عصراً فقد عقله .. عصرا بات فيه مكانا للشياطين يخالطون الإنسان – والإنسان في غيبة منهم ومن نفسه .. وفى خضم هذا الواقع المرير يشاطر النفس هاجس صارخاً.:

كفى عن الكلام : لا وقت للكلام ولا للبكاء .. ومن قيود المخاوف تحرري وافعلي ما عليكى فعله … سيرى على خطاهم الغاضبون بالإرهاب تكاتفي معهم لتحجيم من لا يعرف حجم ذاته على أرض الوطن.

كلمة مصرية أو مصري ليس بكلمة أو لقب .. الوطن حياة أو موت لا ثالث لهما … استيقظي يانهال من ثبات غاب بكى وانظري حولك جيداً .. عذابات وقتل وسحل وخراب واغتصاب … فسادا لم تراه مصر من قبل استيقظي.. اُخرجي من قوقعتك .. قبل أن يصيب الكل خراباً.. وتكمل  نهال وإذ بانتفاضه ذاتية تشعلني حماسا بالوطن … وتثور النفس على نفسها ..

أنا لا أقل وطنية عن الثائرون على الإرهاب.. ولكن من أين أبدأ وماذا أفعل .. ويلتف مجدداً حول العنق إلتفافاً حبل العجز.

أخشى التقاعس والتأرجح بين الفعل واللافعل فاصرخ فيها نفسي

مصرية أنتي .. دماء إجدادك فى العروق تجرى جريان الدم..

وفجأ يخاطرنى خاطر وابدأ بمهاتفة الأصدقاء والزملاء والأقارب الذين بالفتور متقاعيسون مثلى..

وتستطرد سلوى قائلة وقد قامت نهال بنشاط أذهلني بعد سماعي جزء كبير منها مع رحلة النفس التى قامت بها وتعايشت معها خلال هاتفها وتصمت نهال باعتبارها أنهت المكالمة معي ولكن سهوا منها تركت الهاتف مفتوحاً وفضولاً منى قررت استغلال ذلك لاسمع ما يدور بها حيث حوارها مع النفس كان مسموعاً لىّ وقد تناهى إلى سمعي بعض خفايا النفس واختزنت ما ليس لىّ حقاً فيه .. واسترسل فى التنصت قد يترامى لأذني ما يدنيها أمامي وأمام زوجها المسافر وفجأ يباغتني الخجل بخيانة الصداقة … غيورة وساخطة بها لأنها أكثر خلق منى وأكثر جمالاً وحب الناس كان مثيرا لغصبي .. فى المجمل اكتشفت إنى إنسانة سيئة وغير جديرة بصداقة مثلها.. بدأت أخاف نفسي بينما كنت قد بدأت أتقلد بها لأتخلص من الأنفاس العابثة بكل شيء مثل الصداقة الحقيقية من عدمها والتعامل مثل تعاملها معي.. رغبت في صداقتها وإزدريتها.. وجودي بجوارها غير من نظرات الكارهين لتصرفاتي بينما أيضا وجودي بجوارها يشعرني كان بضآلة النفس من حيث الخلق مقارنة بها..

نهال براءة الأطفال في تصرفاتها بينما في تصرفاتي مكر الكارهين لأمثالها .. وتنسحب سلوى بصمت من حياة نهال قبلما تكتشف نهال خيانة صداقتها لها …

وأعود لنهال .. رمز الطهر في عصر بات فساداً والفساد أصبح سمة من سمات أشكاله ونجلس معا في الشرفة خلسة أتأملها..

نِهال دائمة الغزل للأطيار والأشجار والأزهار عاشقة للطبيعة .. حياتها تدور في فلك يسمو الأرض بكثير ما قد وثق صداقتى بها .. نهال . كان أول لقائى بها في ميدان التحرير قبل انفجار بركان 30 يونيه .. وأنظرها مبحرة في عالم يفصلها عن واقع تلطخ بدماء الشهداء والأبرياء  ما قد قوقع الجمال النائم داخل نفسه .

وعزلها إجباراً عن الناس .. نهال تكررت شكواها لي بذلك .. حنين حَجَرُُ أشعر به جاثما على صدري .. هل ما نحن عليه سيزول ونعود لنتنفس أمناً افتقدناه .. فتلاحقنا نسمات شاردة شرودها منفصلة عن هوائها انفصالها عن واقعها وتنساب للراحة رُوحينا.. نصمت استرخاء .. برهات وتسدل الأهداب على العين أجفانها .. نهال تستسلم للنوم على أرجوحتها وفوق مقعدي أتأمل جمالها النائم .. فيه شرود روحي .. برهات وتنفصل نهال عن الواقع .. تخرج خارج دوامة الصراعات .. أراها في ابتسامة تغلف الوجه جمالا  بينما كلما تغض العين نوما يلاحقها إعصارا دوار يدور بها محاولا إقلاعها كشجرة من بطن الأرض فتنهض إثر ذلك صارخة .. بينما للمرة يطول هدوئها الناعس .. لحظات وتفزعني عند نهضوها فزعا من غفوتها . تبحث عن ذاتها مستورة الجسد أم عارية حيث راووها حدث هايدى .. الحدث الأكثر قسوة على نفسها والذى نال من سلامة النفس وافقدها الأمن والأمان وفى غسق مظلم أوقعها حدث هايدى كلما جال في الخاطر وأن كان لم يفارق خاطرها منذ أن وقع تصرخ فزعه من منامها وصحيانها وأضمها مرددة  تكرارا مخيف يا حنين وتصيح .. متى يا مصر .. أمضى على دروبك آمنة بلا قيود تكبل حريتي بالمخاوف متى ياحنين .. أنني أموت خوفاً لما حدث .. هل الله غاضب من فسادا تفشى على الأرض .. بالطبع.. والحل ؟ .. يصلح الإنسان من أفعاله .. يعمل بما أنزله الله لنا دون تحريف وتزييف لتقنين الغايات الخارجة عن قوانينه.

أممكنا .. لا مستحيل عند الله .. ولنقف فى وجه الفساد علينا أن نتوحد نصبح كيانا واحداً لا تهزه ريح ولا زوبعة .. هبت بغبارها لتعكير الصفاء ..

تتنهد نِهال متمسكة بالخيط المتبقي من الأمل الذى ممكن أن يفعل يوما شيء على أمل التكاتف وتوحيد الأصوات للتغلب على زوبعة حاقدة بمصر…

وهاجس متفاءل يراود نهال يحسها للغزل بمصر .. تألقي يا وردية اللون يا سمراء النيل بالورود تسربلى .. لن تسقط مصر .. مهما بلغ عدد الحاقدين بها .. سوف تتخطى الأسلاك الشائكة ونغلق خلف أعداء الوطن النفق المظلم ..

وأنهض لأمضى ونهال تدخل الهول فتقابلها طنط عزه والدتها بقبلة وسؤال تناولتى طعامك .. لا .. أجهز لكي شيئاً .. لا .. فقط أتركينى أنام قليلا .. وتقول نهال .. أمى بنفس مقهورة بالهموم .. بصمتي المبهم لو فقط أدرك ما الذى قد أصابك .. نهال .. أمي .. أريد نوما .. لا كلاما وتستطرد نهال قائلة وأبسط فوق الأريكة قدي المرهق إزاء التلفاز ريثما ما قد يدور على الشاشة يمنح الذهن الراحة وللاسترخاء بالعقل المشوش ارتباطا بالأحداث وللنوم يستسلم .. وتبدأ نهال في الغوص الناعم مبحرة في نُعاس يعيد للنفس ثوابتها .. ثوابت كانت قد تزحزحت .. إثر إعتلاجات بعثرت الكيان أجزاء بالدائر على الأرض ما قد حرك رواسخها وكاد يسقطها في غيوبة المخاوف .

تابعونا :

الجزء الثالث 

اقرأ للكاتبة :

الجزء الاول

شكرا للتعليق على الموضوع