مَن ينظر بتجرّد كلّي إلى الأحداث الصاخبة والشرور الذي يشهدها كوكب الأرض، يستشف الصورة القاتمة التي آلَ إليها الإنسان ويعاين الدَرك الأسفل الذي انحدرت إليه المجتمعات… ففي هذا الزمن العاصف الذي فقدَ فيه الإنسان مكانته الإنسانية في الوجود، يحتاج المرء أكثر ما يحتاج إلى “مشعل نور”، إلى معرفة إنسانية أصيلة يبعث كطائر الفينيق شعلة الخير في داخله… فتتَطهر القلوب، تتعافى المجتمعات وترتقي إنسانيًّا وحضاريًّا من جديد.

لفتت المحاضَرة إلى ما جاء في كتاب “رحلة في آفاق عصر الدلو” للمعلّم ج ب م، حيث أوضح أنّ ثلاثية “نظام-تنظيم-انتظام” هي إحدى صفات عمل الكون، ومن المهم أن تكون أعمال الإنسان مرتكزة إليها (الثلاثية) كي يحصد النتائج الإيجابية على الصعد كافة، متفاديًا العشوائية والفوضى، وما تستحدثه من نتائج سلبيّة في حياته العمليّة والنفسية الباطنيّة.

تقلا إبراهيم – بيروت: ببلاغة هذه الكلمات وعمق مدلولها بدأت محاضرة السبت الأول للدكتور جوزيف ب. مجدلاني (المعلّم ج ب م)، مؤسّس مركز علم الإيزوتيريك الأول في لبنان والعالم العربي، التي نظمتها جمعية أصدقاء المعرفة البيضاء في مركزها في الحازمية – بيروت، بتاريخ 4 أيار/ مايو 2024، تحت عنوان “تربية الأبناء وانعكاساتها في الوالدين”.

تكاثرت في الآونة الأخيرة الأسئلة عن أسباب ما نواجه في بلدنا الحبيب لبنان من مآسي ومحن على كل صعيد من منظار علوم الإيزوتيريك. فحالات المرض والفقر والعوز والعذابات راحت تتكاثر وتنمو بشكل غير مسبوق، فيما الأسباب العاديّة والمعروفة لم تعد ترضي فكر أي متسائل يبحث عن خفايا الأمور والأسباب الباطنيّة وراء ما نعايشه من أحداث صادمة وموجعة نفسيًا وجسديًا…

“ترمز منطقة الشرق الأقصى ومنطقة الشرق عامة إلى الباطن اللامادي في نظام الوجود، وذلك ما يفسّر بروز العلوم والمدارس الباطنية والأديان في منطقة الشرق مقابل النهضة العلمية والفنيّة في الغرب، في الربع الأخير من القرن المنصرم”.

هدوء العواصف الداخلية هو بمثابة صفاء في مدارك الإنسان، تنفذ عبره أشعّة النور، حتى لو أحاطتْ بالمرء تحدّيات مظلمة… فيبادر إلى تفعيل انتشار ذلك النور على حساب عتمة أفكاره ومشاعره السلبيّة، بدلًا مِن إلقاء اللوم على الظلمات من حوله… والهدوء يشكّل فضاءً يتلقّف الاستلهام، ولو أضاءته بروق الأحداث، التي تشقُّ سواد الركود في سبيلِ التغيير الداخلي… لكنَّ الهدوء الداخلي الواعي هو الأهم، مقارنةً مع الهدوء الخارجي الذي قد لا يكون سوى ستارةٍ يُسدِلها الصمت أو الكبت، كليلٍ يُخفي في عتمته تلبّد السماء!