محمد النقلى يكتب : إصطباحه ( هل ” الأحرار ” كانوا .. أحراراً ؟ ) إنجازات .. وتساؤلات ( 5 )

هناك العديد من التساؤلات ، التي خلفتها سنوات ” البدايه ” .. ومابعد البدايه .. فبعد أن قامت ” حركة الأحرار ” بتثبيت أوتادها .. وأركانها ، وتعبيد كل الطرق التي  تؤدي في النهايه إلى ” سلطة الفرد “.. ساعدها في ذلك .. الشعب الذي أصبغ عليها صفة “الثوره” ومنحها توكيلاً لتحقيق  “حلمه” ، وإستقال هو من ممارسة العمل السياسي ، ومن ثم ، لم تعد تلك السنوات .. سنوات ” البحث عن المستقبل”.. حتى وإن إصطحبت معها ما تم وصفه ” بالإنجازات “.

فأين ” الإنجاز ” فيما سُمى ” إقامة حياه ديموقراطيه سليمه “ .. وهو المبدأ الرابع من مبادئ “الحركه” الست .. فبحُجة تطهير الحياه السياسيه، وإعادة الجديه لها .. تم القضاء على جميع الأحزاب ، فلم تعُد هناك “حياه سياسيه” ، حتى يتم إعادة “الجديه” لها !!  إلا إذا كان مفهوم “الحياه الديموقراطيه السليمه”عند الأحرار .. هو التمحور حول ” الفرد ” وسلطته.. وكيف يكفُر “الأحرار” ويستهينوا بالدساتير .. وهم الذين إنقلبوا على ملك ، ونخبه سياسيه.. كانت لاتعطي للدستور أى قيمه ؟!

  أين ” الإنجاز ” في التخلص من رفقاء الحركه ، بالنفى .. كما حدث مع خالد محيي الدين ، ويوسف صديق ..  والإقامه الجبريه ، وتزييف التاريخ .. كما حدث مع اللواء/ محمد نجيب ، لمجرد إنهم نادوا بعودة الحياه النيابيه .. أى جحودٍ هذا.. الذى جعل منه “الأحرار”.. فضيله ؟!

  أين “الإنجاز ” في إهدار جوهر القانون .. وهم الذين ثاروا في وجه ممارسات ملكيه في حق الهيئات القضائيه ، ومنظومة العداله .. فمن رعاية ومباركة الإعتداء على قامه وهامه قانونيه كعبد الرزاق السنهوري ، داخل مجلس الدوله .. إلى تشكيل لجان .. بحجة العداله الناجزه .. كلجان “تصفية الإقطاع″، والتي كان يغلُب عليها روح التشفي والإنتقام .. والتي بها أصبح هناك مناخاً مهيأ لخلق نوع جديد من “الإقطاع″.. ناهيك عن محاولة تسييس القضاء فى 1968 بإجباره على الإنضمام للإتحاد الإشتراكي .. وكذا  ” مذبحة القضاء “في 1969  ؟!

  أين الإنجاز فيما إدعوا بأنه ” الإصلاح الزراعي “ ؟! .. ذلك الإصلاح الذي حضر “قانونه”.. وغاب “صلاحه و .. إصلاحه”، فمعه و بهِ .. ضاعت الأرض .. وضاع المحصول .. وضاع الفلاح .. وإنتهت تماماً “الزراعه” كقطاع إقتصادي .. في أى شريعه .. سماويه إن كانت أو .. أرضيه ، يوجد مايمنع المرء من التملك ، أو يوجد مايسوغ تسمية الملاك .. بالمحتكرين والإقطاع ، وفي أى شريعه .. يتم تحديد حداُ لايتجاوزه المالك ، وفي أى شريعه .. يتم إلزام المالك بتنازله عما يملك .. مجاناً .. إنها شريعة .. “الأحرار” .. ولا يجوز تسمية وتعريف ذلك بإنه ” إصلاح”.. ولو بحثنا في جميع قواميس لغات العالم .. لن نجد سوى تعريف واحد فقط لما حدث ألا وهو .. ” الإغتصاب “.. نعم .. إنه كان إغتصاباً .. وبه رأينا ” من لايملك يعطي .. من لا يستحق ” . ولمزيد من التوضيح .. أن قوانين “الإصلاح” لم تحل مشكلة المعدمين الزراعيين ، الذين بلغت نسبتهم قبل الثورة نحو 44% ، انخفضت إلى 40% عام 1965 ، ثم إرتفعت إلى 45% عام 1972 ، ووصلت إلى 60% في نهاية الثمانينيات من جملة سكان الريف .. ولم ينجح “الإصلاح” في تحسين وتطوير قوى وعلاقات الإنتاج في الريف المصري … هذا ما فعله ” الأحرار ” بإصلاحهم !!

   أما الذين كثيراً ما تشدقوا بإنجاز “جلاء المستعمرالإنجليزي”عن مصر بعد إحتلال دام 72 عاماً بموجب إتفاقية الجلاء عام 1954 .. نقول لهم .. نعم .. كانت هناك إتفاقيه .. وكان هناك جلاء .. ولكن .. ألم تكن تلك الإتفاقيه هى التي أدت إلى تفكيك وحدة وادي النيل .. ؟ ألم تكن هى السبب الأول .. والرئيسي .. والمباشر لإنفصال السودان عن مصر ، وبها .. دق “الأحرار” أول مسمار في نعش وحدة السودان نفسه ، وتم تقسيمه إلى شمال ، وجنوب .. والبقيه تأتي .. ؟!

   ونأتي  لما إعتبروه .. ” أعظم الإنجازات ” .. قرارتأميم قناة السويس في 1956 .. والذي جاء رداً على رفض البنك الدولي لعمليه تمويل بناء السد العالي .. وقبل أن الخوض في جدوى القرار من عدمه .. يجب الإشاره لبعض النقاط :

– حق إمتياز القناه كان ينتهي فى 1968 .

– مازالت إنجلترا – حينئذ – تحتفظ بقاعدة قناة السويس وفقاً للماده (3) من إتفاقية الجلاء 1954 ، ووفقاً للماده(4) من نفس الإتفاقيه .. يكون لإنجلترا حق التدخل عسكرياً ، إذا تعرضت مصالحها في القناه للخطر .

– كانت مصر في حالة عداء مع إسرائيل ، والكل يعلم تماماً مايُحاك ضدها من مؤامرات في المنطقه.

– قرار مثل هذا .. لابد له من قوةٍ تحميه ، ومصرمازلت في مرحلة بناء قوتها العسكريه.

في ضوء ماسبق ، ووفقاً لمبدأ .. السياسه هى فن الممكن .. نتساءل ..

– أليس كان من الأفضل ومن غير إبداء أي تحدِ أو خصومه .. أن يتم التفاوض مع شركة قناة السويس حول التأميم وذلك على أساس تعويض الشركه عن المده المتبقيه في حق الإمتياز ؟

– وإن تعذر ذلك .. وغالباً ما كان سيتعذر .. وفي هذه الحاله .. أليس كان من الأجدى والأنفع .. الإنتظار حتى تنقضي المده المتبقيه ، والتي ستنتهي في عام1968 ؟

فأين الإنجاز هنا .. في قرار.. لم تتوفر له قوة تحميه .. وغاب فيه عن ” الأحرار ” الحنكه السياسيه ، مما أدى إلى نشوب حرب .. كان من الممكن تفاديها .. حرب 1956، وما تلاها .. ؟!

   تلك الحرب التي نتج عنها .. إحتلال إسرائيل لقطاع غزه ،  والذي كان تحت الإداره العسكريه المصريه .. وكذلك .. إحتلال سيناء بالكامل .. والتي إنسحبت منها في ربيع 1957 .. ولكنها بقيت في القطاع .. وحصلت على حرية الملاحه في المضايق تحت حماية قوات الطوارئ الدوليه في شرم الشيخ  !!

   تلك الحرب التي نتج عنها  .. وبكُل القوانين والأعراف العسكريه في العالم .. هزيمه عسكريه ساحقه للجيش المصري .. حولها “الأحرار” إلى .. نصر سياسي ،، ورسخوا ذلك في أذهان الناس !! فأى كذب ،، وتزييف هذا ؟!

         تلك الحرب .. التي قال عنها السيد / حسين الشافعي( أحد الأحرار)  في إحدى حلقات برنامج “شاهد على العصر” (الحلقه 7 بتاريخ 6/11/1999) :

        ” كان هناك أخطاء عسكرية ، وأنه كان لابد أن يحدث محاسبة عسكرية بعد المعركة ، ولكن عندما تحقق النصر السياسي – للأسف – لم يعط فرصة لمثل هذا التحقيق ، ونقطة أخرى علاقة جمال عبد الناصر بعبد الحكيم عامر كانت من ضمن العوامل التي منعت مثل هذا التحقيق أن يتم ، وأنا أعتبر أن هذا التحقيق كان من الأمور الأساسية لمصلحة المستقبل .. لأنه كانت هناك أخطاء عسكرية .. كان لا بد أن المسئولين عنها يحاسبون عليها” .. إنتهى

أى” أخطاء عسكريه “.. تتحدث عنها أيها ” الحُر “.. قُل إنها خطايا عسكريه .. إنها كوارث عسكريه .. وأى علاقه هذه التي تمنع من التحقيق في ” بلوى ” حلت بالبلد ؟!!

ولكن .. ماذا تنتظر مصر .. من رجل توقفت علومه العسكريه عند رتبة “صاغ “.. وفي عام 1953 تم ترقيته إلى رتبة ” لواء “.. وهو لا يزال في الـ 34 من العمر متخطيا ثلاث رُتَب عسكريه دفعه واحده .. وأصبح القائد العام للقوات المسلحة المصريه. . وفي عام 1954 عين وزيرا للحربية مع احتفاظه بمنصبه في القيادة العامة للقوات المسلحة .. أى وعمره 35عاماً .. وفي عام 1958 .. وعُمره لم يتجاواز ال 38 عاماً .. وتقديراً لجهوده الفذه في معركة 1956 وإدارته الحكيمه للمعركه .. تم ترقيته إلى رتبة ” مشير ” وأصبح القائد العام للقوات المشتركه .. إنه ” الحُر ” .. عبد الحكيم عامر .

كلما قرأت في تاريخ هذه الفتره ، وعن ” الأحرار “.. وجدت إنهم فعلاً كانوا .. ” أحراراً ” فيما يفعلونه ..  بمصر

  “الحديث موصول .. مالم يُكتب للعمر إفول “

” إستقيموا يرحمكم الله “

بقلم : محمدعلى النقلى

اقرأ كل اجزاء المقال 

الجزء الاول ( الحرية )

الجزء الثانى ( الاحرار )

الجزء الثالث ( سنوات الحلم … والغواية )

الجزء الرابع ( إختزال الحلم … وتثبيت الأوتاد )

اقرأ للكاتب ايضا

1977 ( اربعة اجزاء )

 

شكرا للتعليق على الموضوع